الأربعاء , أبريل 24 2024

(( حكـايــة إنســان ))

[size=6] [align=center]كان يا ماكان في سالف العصر والزمان
كان هناك إنسان
نعم إنسان
حينما كان غلاما
حوى من السعادة ما يحسده عليه باقي الغلمان
أم وأب وإخوة وأخوات كأي إنسان
جمال و سحر وشخصية
جعلته يلج القلوب دون استئذان
فكان معرضاً دوما لعشق الفتيات
ومراودتهن لقلبه في كل مكان
لكنه كان ينئ بنفسه دوما
عن مشاعر الحب والافتتان
لأنه قرأ كثيرا عن قصص الحب
وكيف تنتهي بمآسي يشيب لأثرها ريش الغربان

[color=5C92CC]فكان الرفض حاله لكل مشاعر لا تتفق
ومع مبادئه التي تنص
أن لا شي يستحق أن يبكي لأجله الإنسان

سوى تلك المشاعر الإنسانية فعلا
كالموت وفراق الأحبة
كما تنص عليه شريعة البشر في هذا الزمان
إذن لست بحاجة لأن أذل نفسي
واجعلها رخيصة الأثمان
بأن اجعل فؤادي أسير
لعشق أنثى تسومه العذاب ألوان[/color]

و هكذا يا سادة يا كرام
نشأ هذا الإنسان سعيدا جدا
فهو لم يعرض نفسه لهكذا أمر
مهما كان مؤلم شعور الحرمان

ولكن
ولكن

جاهل جدا من يظن بأنه السعادة أبدية كالحياة
فالحياة يوما ستنهي
حين ينفخ في الصور بأمر الرحمن

[color=5C92CC]فلنكمل حكاية هذا الإنسان
في ذات مساء
شاء القضاء أن ينبض فؤاد هذا الإنسان

حين اقتربت منه أنثى وغرست في فؤاده الحب
دون أن يشعر أو ينبئه حدسه
بأن هناك من فتح ثغرة في فؤاده
ولجت منها يد ناعمة
لتحفر فيه
ثم تترك بذرة الحب بهدوء وكتمان

صدقوني
هذه المشاعر وبكل أسف
لا تحتاج أبدا للأستئذان
قلبه البريء بدأ بلفظ هذا الغريب
لو لا تدخلها دوما
بجرعات من الحب والحنان
وريه دوما بماء الصبر
و اشراقت نور سحرها الفتان[/color]

رويدا رويدا انبثقت أولى قمم الحب
من بين دما ولحم
لتعلن بأن الحب تفشى في قلبه كالسرطان

فشعر بدبيب في فؤاده
وبأن الأمر أصبح رسميا الآن

فتمرد في محاولة فاشلة
لرفضه وأعلن العصيان
قبل أن تخرسه هي للأبد
بضمة صدر
و رحيق عشقا عبر الشفتان

فستسلم لها وانساق خلفها
كما تنساق خلف الراعي القطعان
متى شاءت لثمت من حبه أسمى المشاعر
ومتى شاءت وضعته على رفوف النسيان

[color=5C92CC]وهكذا أصبح وأمسى بلا هوية
فاقد ذاته دون وجودها
وكأنه من العدم وإلى العدم
ما لم تهبه الحب كإحسان

ما رف لها جفن أو احتوته يوما بصدرها
إن تداركته المنايا شوقا لبعض الحنان

أن شق الليل بصراخه
ورددت صداها الجدران
تجردت من إحساسها
وصمت لصراخه الأذان
حجر اغبر حقير في الجدار
استفاق رعبا وذابت فيه الأشجان

شتان بين جماد ميتا
وبين أنثى تحسب على بني الإنسان[/color]

ويح نفسه كيف كانت قبل يوم ميلاد حبها
وكيف هي الآن

أن تنخدع ببضاعة مزجاه أمر وارد
لكن أن تنخدع بمشاعر حبا
هذا لم يكن أبدا بالحسبان

[color=5C92CC]دعونا يا سادة يا كرام نكمل حكاية هذا الإنسان

في ذات مساء والليل أنتصف
كان هذا الإنسان مع وسادته في حالة احتضان
قد اعتاد على هذا الأمر منذ زمان
الشوق يثور به وجدا
و يمزق في داخله وريد وشريان

ما لبث أن اعتدل جالسا
و أضاء اباجورة كانت على كمادينو سريره
ليضيء حوله المكان
اخرج من باطن الدرج دفترا قديم
ومضى يقلب فيه
عله يجد صفحة فارغة
يسطر عليها مشاعر تعتريه الآن

فلم يجد صفحة عذراء
أو يجد لحرفه مكان

كان هذا الدفتر قد امتلئ عن أخره
بمشاعر وإشجان
فأين سيكتب الآن؟
هو يدرك بأنه لا يملك دفتر بديل
أو حتى ورقة مستقلة الأوطان

إذن سأكتب على وسادتي
وغدا في الصباح سأنقل الحروف لدفتر جديد
سأشتريه من الدكان

هكذا قال حين ألم به اليأس
من أن يجد لحروفه مكان[/color]

ومضى في مشواره الذي اعتاد عليه دوما
مشاعر تنزف وقلم يكتب
لكن
هذه المرة على وسادته
التي كانت تبادله الاحتضان

انتهى من نزفه مع إعلان الساعة
أن وقت الصلاة قد حان
ومضى إلى صلاته يملىء
صدره حب الله وصلابة الأيمان
وحين عاد منهكا ألقى نفسى على سريره
وضم وسادته إليه
واضعا وجه الجميل عليها بأمان

نسى في لجة تعبه
حروفه التي سطرها عليها طوال الليل
وأغمض عينه ونام باطمئنان
ساعات مضت قبل أن يستيقظ فجأة
وكأن هناك أمر جلالا قد حدث أثناء نومه
وعليه أن يتدارك الأمر قدر الإمكان

وحين نظر إلى وسادته البيضاء
إذ بها تصطبغ باللون الأحمر القان

يا ألهي !
هكذا قال حين أدرك بأن حروفه
قد صارت في خبر كان

فقد كان يبكي أثناء نومه
فاختلط الدمع بالحروف الحمراء
فأضحت كطلاسم الجان
مسكين هذا الإنسان
يا ترى أي حلما زاره ليبكيه نائما؟
حتما فصول أخرى من الأحزان
ألا متى ؟ إلى متى سأظل هكذا؟
أهب الحب كل ما أملك
و يبادلني الحب نكران؟

هكذا حدث نفسه
حين وصل الأمر به لأن يبكي في نومه
و هو الذي لم يبكي يوما لأجل أي إنسان

[color=5C92CC]انتصب واقفا
ومضى مغتسلا من ركام أملاح
سببتها دموع حين جرت على خده كالوديان

وحين لمح وجه في مرآة
معلقة على احد الجدران
أبصر بياض شق جانب من لحيته
التي كانت كالسواد الغربان

و وجها نكل فيه الزمان
بعدما كان وسيما
أبدع في صياغته الرحمن
استشاط غضبا
وحطم بيديه العاريتين المرآة
لتتناثر أجزائها في كل مكان

ثم عاد أدراجه إلى حيث دفتره
الممتلئ عن أخره بحروف الحب والأشجان

مزقه بشهوة القتل حين احتوته
أن يبيد كل شيء يخصها
ورقة أو قلم أو أي شي كان[/color]

اتخذ ركنا من أركان غرفته
وأطلق لنفسه العنان
يشهق غضبا و يزفر جحيما
يكاد أن يشعل حوله النيران

ومضى في تحرير نفسه رويدا رويدا
بتذكر طقوس الذل والحرمان

قبل أن يقول كلمته الأخيرة
و هو يكسر احد الأقلام
المتواجدة في كل الأركان

قال لها بكل قسوة
حتى أنها شقت جرحا في اللسان
قال أيها السادة :-
[color=FA0309]لو كان في الحب خيرا
ما استباح كرامة و كبرياء الإنسان[/color]

[color=144273]انتهت الحكاية أيها السادة
انفضوا من حولي الآن[/color]

(( [color=FA0309]الملك[/color] ))[/align][/size]