هَذَا الْمَسَاء
قَرَّرْت أَن اجْلِس وَحِيْدَا
دُوْن أُنَغِّص يَوْمِي بِالْكِتَابَة
فَالْكِتَابَة لَيْسَت هِوَايَة
أَو عَمَلا يُشْعِرُنِي بِالْسَّعَادَة
بَل هِي أَشْبَه بِفَتْح جُرْح فِي وَرِيْدِي
و جَمَع الْدِّمَاء
وصِيَاغَتِهَا كَقَصِيْدَة أَو حِكَايَة
وَكَأَنِّي ادْفَع الْدِّمَاء ثَمَن لَآَتِي إِلَيْكُم بِرِوَايَة
متعْتُكم فِي قِرَاءَة نَزْفِي
لَا تُقَارَن بِمُتْعَة أُنْثَى حِيْن تُسْتَشَف ضَعْفِي
فَتُدْرِك بِأَنِّي مَازلْت فِي حُبِّهَا أُجَرِّح نَفْسِي
لأُصِيَغ لَهَا الْحُب حُرُوفَا تُحَاكِي جُنُوْن عُشْقِي
وَبِأَنِّي لَم أُعْلِن تَوْبَتِي عَن حُبِّهَا
حَتَّى وَإِن نَشِف الْدَم مِن قَلْبِي
تَنْتَظِرُنِي فِي كُل مَسَاء
أَي حُبّا سَيُكْتَب أَي عِشْقَا أَي مَدْحَا أَي رِثَاء
تُدْرِك بِأَنِّي نَهْر رَوَافِدُه ذِكْرَيَات تُصِب فِيْه نَشْوَة الْبَقَاء
وَبِأَنِّي فَيْض مِن مَشَاعِر
لَا تَتَوَقَّف رَبِيْع وَخَرَيْف وَصَيْف وَشِتَاء
وَكَأَنِّي خَلَقْت فَقَط لأَبُثُهَا الْحُب
طَوْعَا أَو كَرْها كَمَا تَشَاء
بْحْرُوفِي أَنَا أُعْلِن الْطَّاعَة الْعَمْيَاء
وَاتَّبَع غَرَامِهَا عَطَشَا
رَغْم الْيَقِيْن بِأَنَّه سَرَاب فِي صَحْرَاء
مَا حِيْلَة الْعَطْشَان سِوَى أَن يُتَّبَع و هُم الْمَاء
عَلَّه يَبْلُغ الْمُنَى بِرَشْفَة مِنْهَا
أَو يَرْتَوِي مِن فَيْض الْبُكَاء
كَفَاك انْتِظَار
فَأَنَا لَن اكْتُب فِيْك بَعْد الْيَوْم قَصَائِد أَو أَشْعَار
أَو حِكَايَة عِشْق تُمَثِّلَيْن بُطَوَّلْتِهَا
وَأَنَا فِيْهَا رَجُلا يَهْوَى أَمَامَك الانْكِسَار
أَو أَجْعَلُك بْحْرُوفِي أَمِيْرَة الْأَرْض وَالْبِحَار
وَأَنَا فِي حَضْرَة عِشْقِك أَلَوِّح بِالانْتِحَار
مَا لَم تُنْال شَفَتَي مِن شَفَتَيْك نَشْوَة الانْتِصَار
قِبْلَة الْحَيَاة تُعِيْدُنِي مِن غِيَابَات الِاحْتِضَار
إِلَى عَالِم الْبَقَاء قُرْبِك فِي الْجَنَّة أَو الْنَّار
كُل هَذَا لَن يَحْدُث
فَأَنَا لَسْت ذَاك الَّذِي سَلَبْتِه حُقُوْق الاخْتِيَار
أَوْقِدِي تَحْتِي مَشَاعِل مِن نَار
لَن احْتَرَق كَالدْخُون لْأُهدِيك أَرْيَج الْأَزْهَار
هَذَا الْمَسَاء حِيْن قَرَّرْت عَدَم الْكِتَابَة
شَعَرْت بِالْمَلَل و الرَّتَابَة
وَكَأَنِّي فِي صَيْف الْحَيَاة سَحَابَه
فَشَعَرَت بِالَضِيِق و الْكَآبَة
فَلِمَاذَا ادْعِي كَذِبا بِأَنِّي لَا احِبُك ؟
وَأَنَا فِي نَار حُبِّك شَمْعَة مُذَابَة
لَا تَصَدَّقِي بِأَنِّي سَأَتُوب عَن حُبَّك يَوْمَا
وَأَن لَا أَكْتُبُك شِعْرا و نَثْرَا
أَو أُنَاجِيْك طَيْفَا وَحُلُمَا
أَو أَهْجُرَك كَرِهَا أَو طَوْعا
فَهَا أَنَا ذَا اكَذِّب نَفْسِي
فَحِيْن قُلْت بِأَنِّي لَن اكْتُب فِيْك حُبّا
وُجِدَت نَفْسِي أَذُوْب فِيْك عِشْقَا
فَانّا خَلَقْت لَأُحِبُّك دَوْمَا
مخْرَج
أَنَا أُحِب الْصِّدْق فِي حَيَاتِي
و اكْرَه الْكَذِب حَتَّى عَلَى مَمَاتِي
لَكِنِّي اكَذِّب حِيْن أَقُوْل
بِأَنَّك انْجَلَيْت مِن ذَاتِي
فَأَنْت حَيَاة
لَا اعْرِف حَيَاة أُخْرَى لِي
أَتَنَفَّسُك هَوَاء وَأُشَرْبِك مَاء
وَفِي وَرِيْدِي أَنْت دِمَاء
أَنَا لَا أَعْرِف مَعْنَى أُخَر لِلْحَيَاة
فَهَل تَعْرِفِيْن مَعْنَى لِغَيْرِك فِي حَيَاتِي ؟؟
(( الْمَلِك ))