الخميس , أبريل 25 2024

(( يحكى أن … ))

يـُحـكى أنَ ..
يـُحكى يا سادة يا كرام
بأنه قبل ألآف الأعوام
كانت هناك ملكة يقال عنها سرابيل
حكمت مملكة الحب والغرام
وكان العدل منتشرا بين الأنام
وكذلك الحال بين الحيوانات والأنعام
لدرجة أنه تصادق الثعلب مع الحمام
ورعى الذئب مع قطيع الأغنام

كانت سرابيل متزوجة من رجل عادي
صار ملك كما ينص البرتوكول
والمـُلك يا سادة ليس مجرد قانون ينص عليه الدستور
بل هو أفعال و هيبة حضور
وقوة وبطش في بعض الأمور

كل هذا لم يكن لدى زوجها
الذي يفترض أن يكون ملكا جسور
مما جعل زمام الحكم في يد سرابيل
التي لم تسمح يوما أن تسلمه مقاليد الأمور

وفي ذات مساء
حين كانت سرابيل تمر على بعض حدائقها الغناء
برفقة وصيفتها الحسناء
أنبأها حدسها
بأن هناك خيانة تحاك فصولها بالخفاء
فهرولت مسرعة لقصرها
واتجهت بسرعة لمخدعها
لتجد جارية في أحضان زوجها

لم تصدق نفسها

لكنها كانت أكثر بطش من أن تدارك غضبها
تناولت رمحا بيدها
و بإحساس المخدوعة رمته بكل قوتها
لينغرس في ظهر الجارية
ويأخذ طريقة لقلب زوجها
أولى جريمة قتل في حياتها
لتبدأ مشوار إراقة الدماء
انتقاما لنفسها
وإشباع لرغبه القتل
التي استعمرت إحساسها

و هكذا بدأت سرابيل في طقوس لم تضع نهاية لها
في كل ليلة تجمع أجمل شباب شعبها
بقوة سطوتها
وتختار واحد ليكون جليسها
و تعاقر معه خمر الغرام و ملذات جسدها
وقبل أن ينبلج الفجر
تأمر جارية عندها
تذبحه ببرود وكأنه قربان تقدمه لها
و هكذا يا سادة قتلت نصف أبناء شعبها
و هرب الباقون خارج مملكتها
خوفا من سرابيل
التي لا ترويها مياه الأرض كلها
بل ترتوي من دماء تراق تحت قدمها

وفي ذات مساء
أمرت بإحضار شاب أخر إليها

فقالوا جواريها لها
أنه الشاب الأخير
فلا يوجد احد من الشباب في مملكتنا كلها
فقالت : –

اليوم قتل وغدا سيكون لي أمر
ادخلوه إليها
وفي الصباح أخرجوه
ورأسه مفصول عن جسده

في هذا المساء الجديد
احتارت من أين لها برجل جديد

ليشبع شهوة القتل لديها
و هي تقول هل من مزيد
فغضبت غضبا شديد
و هددت كل من حولها
وتوعدتهم بالعقاب والحديد
وقالت لابد أن تحضروا لي رجل هذا المساء
وإلا جعلت من أروقة القصر مجرى للدماء
دماء كل و صيفه أو جارية حسناء
ارتعدوا جميعا خوفا من هذا المصير
فهي لن تتورع أبدا عن قتلهم
بكل ببرود وإحساس مثير

إلى أن قالوا لها
هناك شاب أخر أخفاه عنك الوزير
أنه ابنة الوحيد الذي أخفاه عنك
حتى لا يلقى ذات المصير
قالت:-
أبن الوزير! حسنا
اقتلوا الوزير وإلي بابنه
هذا المساء لن يمضي
دون أن تكون هناك رقبة تطير
ومضوا زبانية سرابيل إلى بيت الوزير
وكسروا بابه وأخذوه وابنة أسير
في الطريق فصلوا الأب عن ابنة
ليلقي الوزير ربه تحت عجلات عربه
تنطلق نحو قصر سرابيل وبأس المصير

في القصر
كان أبن الوزير لا يعرف
ما آل إليه أباه من مصير
فلم يبدأ على محياه
أي حزن أو أسى أو شي من هذا القبيل
لكنه كان يدرك بأن حاله للموت سيصير
اقبل المساء
وحان وقت الانتشاء
وسفك الدماء

(( الليلة الأولى ))
اقتادت الوصيفات الفتى
بعد أن ألبسنه أجمل وأفخم الثياب
فبدا وكأنه أمير
وكل واحدة تتمنى قبلة من هذا الشاب المثير
فقد كان وسيما جدا
وحسنه جعل الحب في قلوبهن يعلن النفير
ادخلوه إليها وأغلق الباب
وبقوا خارج المخدع ينتظرن أشارة منها
لقتله قبل الفجر كما اعتادوا مع كل شاب

في مخدع سرابيل
كانت سرابيل تلبس فستان أحمر
يكشف عن مفاتن جسدها المثير
اقتربت منه بهدوء
وأمسكت بيديه وأخذته للسرير
تبعها بكل ثقة وابتسامة على شفتيه
قدمت له كأس من خمر فأخذه بكلتا يديه
ثم وضعه على طاول مستديرة
فنظرت إليه بصمت وحيرة
قالت له :-
ألا تشرب ؟

أجابها :-
ليس الآن فمازال الليل في أوله
هناك شي يجب علينا أن نفعله
قالت له :-
وما هو ؟
أجابها : –

يقولون بأنك أجمل أنثى في الوجود
وأنك فاتنة لأبعد الحدود
لكني اليوم رأيت من هي أجمل منك
أنت أمام جمالها لا يذكرك التاريخ إلا بالجحود
استشاطت سرابيل غضبا
فهي ترى نفسها
أجمل أنثى في الدنيا كلها
فكيف لهذا الرجل أن يسخر من جمالها
بل و يرى غيرها
قالت له :-
من هذه الأنثى التي تنافسني بالجمال؟
أجابها ببرود و هو يشير نحو الباب الموصد :-

أنها جاريتك التي تقف خلف الباب
في الحقيقة جمالها يسحر الألباب
وكل ناسكا زاهد ينسى أنه يوما قد تاب
لا أخفيك سرا أنا قد سكرت من جمالها
وكدت أن أعلن أمامها الإعجاب

خرجت سرابيل من مخدعها
دقائق قليلة ثم عادت و هي تجر جارية من شعرها
وفي لمح البصر غرست سكينا في نحرها
لتسقط الجارية ميتة تتخبط في دمائها
و سرابيل واقفة فوق جسدها
قبل أن يقول لها الشاب :-

أوووه .. ما هذا الذي فعلتي
أنا لم اقصد هذه الجارية
بل كنت اقصد الأخرى الباقية

لم تتمالك سرابيل نفسها
لتخرج من جديد لتأتي بالجارية الأخرى
وتلقى نفس مصير أختها
و الشاب ينظر إليها
و يشرب من كأس كانت قدمته له بيدها

قبل أن تقول سرابيل:-

الآن ليس هناك أجمل مني في الدنيا كلها
أجابها الملك بمكر :-

نعم هذا صحيح
دعينا نكمل ألآن سهرتن
ا
قبلها بجنون
ومال نحو جسدها المفتون
ولمس منها كل خلية في جسدها أينما تكون
أعطشها لنشوة لكنه حرمها منها
بتعمد واضح و سر مدفون
أبعدها عن صدره
في لحظة كانت اقرب للجنون
ثم عاد ضمها جديد
وأمعن في شفتيها قـُبلا
وفي أذنها صب تنهيد
وما أن يراها سكيرة بين يديه تريد المزيد
يبعدها عن صدره بكل تعمد
و يتركها تحترق وكأن جمرة في الوريد

و هكذا جعل ليلتها الأولى معه إحساس فريد
وأدركهم الصباح
والفجر بنوره قد لاح
و هي لما تبلغ معه نشوة الحب
أو تنال منه ما تناله دوما قبل الصباح
فقدت نشوة الجسد
لكن بقت لديها نشوة القتل المباح
تذكرت فجأة بأنها بالأمس قد قتلت جواريها
اللاتي ينفذن حكم الإعدام
وهي أنثى لن تستطيع قتله لوحدها
كذلك هو حتما قد احتاط لأي احتمال أخر
قد يحدث في هذا الظلام
ودعته على أمل اللقاء في المساء
وجسدها يئن من صبابة نشوة لم تكتمل
ورغبه صريحة في هذا الرجل
فهي لأول مرة في حياتها تصاب بخيبة أمل

(( الليلة الثانية ))
أقبل الليل سريعا وحان وقت اللقاء
كان الشاب ينتظر أن تستدعيه سرابيل في هذا المساء
و هذا ما حدث حين استدعته
بواسطة جارية قبيحة بلهاء
فتبسم ضاحكا
لأنه عرف بأنها تريد
ألا يتكرر ما حدث في أول لقاء
من استفزاز وسفك دماء
دخل عليها بعد أن أوصلته الجارية إلى مخدع سرابيل
وهناك وجدها شبه عارية سوى من وشاح طويل
يغطي بعض مفاتن جسدها الجميل
فهذه الليلة يجب أن تشبع رغبتها الجارفة في هذا الرجل
الذي عرف كيف يثير أنوثتها
ويتركها دون أن يرويها ولو قليل
ارتمت بين ذراعيه و أمعنت فيه ضم و تقبيل
وبدأت رحلة العذاب الطويل
كلما وجدها توشك أن تنتهي
يتركها جذوة تشتعل لا تنطفي
وباسمه تهذي و تطلب المزيد ولا تكتفي
وهكذا طوال الليل
جعل حياتها جحيما لا تنتهي
أدركهم الصباح
والفجر بنوره قد لاح
و سرابيل لما تنال بعد ما تشتهي
فأطلقت لنفسها عنان البكاء والصياح
ترجته وتوسلت بكل ما لديها
و هي التي لم تعتد على تتوسل إنسان
لكنه قال لها :-

ليس قبل أن تتنحي عن لقب الملكة
وتتركين لي زمام الأمور
أنت أنثى تستحقين أن تكوني من ذوات الخدور
وأن تشعري بأنوثتك كأي أنثى
وليس كملكة تطلب العشق
تحت وطأة الظلم والقتل والجور
ثم تركها وخرج
و هي تغص بالذهول وانكسار الغرور

(( الليلة الثالثة ))
هذه المرة أتته بنفسها
وقد لبست لباس يغطي كل جسدها
هذه ليست سرابيل التي يعرفها
بادلته تحية المساء برقة لم يعتادها
قالت له :-

بعد غدا في الصباح سأتنحى عن ملكي
وسأعلنك ملكا على عرشي
كما تعلم يجب أن يجتمع مجلس الدولة
ليشهدوا موتي
اقصد مراسم خلعي
نم قرير العين أيها الملك
فقد كسرت شوكتي وحطمت هيبتي
لكن هذه الليلة امنحني ما أشتهي
قال لها :-

ليس قبل أن أرى التاج فوقي رأسي
غضبت غضبا شديدا
لكنها آثرت الصمت الشجي
خرجت و هي تجترع كأس الذل
وكبرياء سحقه هذا الرجل القوي

(( الليلة الرابعة ))
تسرب خبر مقتل الوزير
إلى أبنه الذي لدى سرابيل أسير
فأجهش بالبكاء المرير
لكنه تمالك نفسه
حتى لا تستغل ضعفه
فبكاء الرجل أمام أنثى شي كثير
وذل كبير
سرابيل وكعادتها كل مساء
تحاول جاهدة أن تنال منه ما تشتهي
حتى تغدر به لاحقا
قبل أن تحقق وعدها الغبي

في هذه الليلة سألها الشاب:-

سرابيل أين أبي ؟
ارتبكت و لم تعرف ما تجيبه سوى أنها قالت:-

أباك في مهمة خارج البلاد
سيعود قريبا حين من مهمته سينتهي

اقترب منها
امسك يديها
ضمها إليها
مال نحو شفتيها
وقبل أن يفعل أبعدها مسافة كافية ليرى عينيها
من يراها مغمضة العين يتصورها طفلة نائمة
والبراءة تحوم حواليها
وحده من يدرك بأن السم كالدماء لديها
فعل هذا لسبب واحد فقط
حتى لا تنطفئ نيران الرغبة فيها
فأوقدها بمجرد ضمة واحدة ولمس يديها
لكنه هذه المرة أعطشها أكثر
لقبلة كان يروي بها عطش شفتيها
فخرجت بعد أن ابتعد عنها
وجسدها مثقل بالغضب لا تحملها قدميها

(( الليلة الخامسة ))
ما عادت سرابيل تتحمل بعاده أكثر
فكانت تصبر نفسها بمجرد النظر
و هذه الليلة الخامسة وغدا ستتوجه ملكا
و ستنال منه ما عليه روحها وجسدها قد صبر
دخلت عليه مخدعه
ومضت تتأمله وكأنها ظلمة ليل تنادي القمر
قبل أن يبادرها الشاب قائلا:-

هل أنت مستعدة ليوم الغد؟
غدا سأهبك الحب والعشق والجسد
وكل ما تريدينه
غدا سأشعرك بأنوثتك
وبما كنت عن نفسك تجهلينه
قالت :-
ثق بأني لن أندم أبدا
فأنا في معارك حبك أصبحت رهينة
فليذهب كل شي سواك للجحيم
فقط أنت ما أريد في هذه الحياة
ألا يكفي بأني لم أقتلك
كما كنت افعل من سنين طويلة
قال في نفسه:-

وكأني لا أعرفك أيتها اللعينة
مشاعر الجسد هي كل ما تطلبينه

(( اليوم السادس ))
في صباح اليوم التالي
اجتمع مجلس الشعب وكافة الوزراء
تترأسه الملكة سرابيل
طبعا غاب الوزير أب الشاب الأسير
الذي مات قتلا تحت عربة
وهي تسير بأمر سرابيل
لكنهم تسائلوا جميعا
من هذا الشاب الجميل الذي يجلس بجوار سرابيل ؟

افتتحت الجلسة بمفاجأة من العيار الثقيل
حين قالت : –

أيها السادة
إني أعلن اليوم بأني قد تنحيت
عن الحكم لصالح هذا الشاب الجميل
من هذه اللحظة هو سيكون الملك عليكم
وهذا أمر غير قابل للنقاش أو التأجيل
نزعت تاجها
وضعته على رأسه
وتنحت جانبا عن كرسي عرشها
ليصبح الشاب الأسير في لحظة ملكا
و يتخذ طريقه نحو العرش الوثير
و يجلس عليه مع تصفيق حاد
ومزيج من الفرح والتصفير والتكبير
وحين تيقن من نفسه
وبلغ هدفه الذي خطط له منذ اللحظة الأولى لأسره
قال :-
أيها الحراس اعتقلوا سرابيل
سرابيل كادت تسقط من هول الصدمة
ولم تصدق ما سمعته قبل قليل
لكنها ليست الملكة الآن التي كانت كلمة
منها تزرع الرعب في قلب الغني والفقير
و العبد و الأمير
اعتقلوها بأمر الملك الجليل
وساقوها كالأمة حين تساق للأسر
و فؤادها كسير
زجوا بها في زنزانة
كثيرا ما اعتقلت فيها شباب كثير
قبل أن تذبحهم
بعد أن تنال منهم كل إحساس مثير

أخيرا ياسادة عاد العدل لمملكة الحب والغرام
بفضل هذا الملك الهمام
لكن بقت حسرة كثيرة
في قلوب أمهات ثكلى
قتلت سرابيل أبنائهم
من اجل شهوة جسدا ولذة غرام

((الرقصة الأخيرة ))
في هذا اليوم أعلن الملك زواجه
من ابنة عمه الأميرة بيسان
وعمت الأفراح كل مكان
وكان الفرح الكبير في القصر الملكي
وبحضور كل طبقات الشعب الغني منهم والفقير
في تلك الحفلة أمر الملك أن يحضروا سرابيل
بعد أن يلبسوها ملابس راقصة رخيصة
فهي ستكون الراقصة المثيرة
وبدأ العزف
واقتادت بعض الجواري سرابيل نحو القاعة الكبيرة
لتبدأ الرقص على أنغام معزوفة ركيكة
تتناسب ومع ما هو عليه الآن من نقيصة
وفي منتصف رقصتها
أوقف الملك الجوقة الموسيقية عن العزف
لتلتفت العيون إلى حيث الملك يقف
ليشاهدوا الملك وزوجته بيسان
واقفان
قبل أن يقبلها الملك عبر الشفتان
فصفق جميع الحضور
وانحنى الجميع احتراما للملك
الذي عرف كيف تساس الأمور
أعطى الملك للجوقة الموسيقية الأمر
أن تبدأ العزف من جديد
وأمر سرابيل بصرامة
أن تبدأ الرقص على شرف بيسان
فكانت رقصتها تلك الرقصة الأخيرة
في حياتها المثيرة

ففي الصباح
باعها الملك لأحد تجار العبيد
قد تجدونها في سوق النخاسة يوما
ستعرفونها بسهولة

فهي الوحيدة التي اسمها
سرااااااااااااااااااااابيل
(( الملك ))