كَانَ يُا مَا كَانَ فِيْ قَدِيْمِ الْزَّمَانِ
حَيْثُ كَانَ كُلُّ شَيْ تَائِهَةٍ
خَلَفْ تُخُوْمِ الْجُحُوْدِ وَالنُّكْرَانَ
وَالْمَشَاعِرُ الْإِنْسَانِيَّةِ مُشَتَّتَةٍ بَيْنَ كَرْها
وَحِقْدٍ وَبُغْضُ تَعْصِفُ بِالْإِنْسَانِ
فِيْ ذَاكَ الْزَّمَانِ تَلَاقَى صُدْفَةٌ
الْإِعْجَابُ وَالثِّقَةِ تَحْتَ شَجَرَةٍ سِنْدِيَانٌ
وَمَا لَبِثَ أَنْ قَرَّرَا أَنْ يَتَزَوَّجَا سَرَّا
فَكُلُّ مَشَاعِرَ أُخْرَىَ غَيْرَ تِلْكَ وَصِفَتُهَا سُلَفا
هِيَ مُحَرَّمٌ ذَكَرَهَا بِالْلِّسَانِ
فَكَيْفَ بِزَوَاجٍ بَيْنَ مُتَحَابّانِ يُعْلِنُ
عَلَىَ الْمَلِأِ وَالْعِيَانُ ؟؟
تَزَوَّجَا الْإِعْجَابُ وَالثِّقَةِ
فِيْ حَفْلَةُ حَضْرَتِهَا بَعْضٍ الْخِصَالِ الْطَّيِّبَةُ
فِيْ شَهْرِ نَيْسَانَ
غِنَىً فِيْ ذَلِكَ الْيَوْمِ الْإِخْلاصِ وَالْوَفَاءِ
عَلَىَ إِيْقَاعِ لَحْنِ الْبَقَاءِ
وَرَقْصٍ الْشَّرَفِ الْرَّفِيْعِ بِمَعِيَّةِ الْوَلَاءُ
وَانْقَضَتْ الْحَفْلَةِ سَرَّا
كَمَا بَدَأَتْ فِيْ الْمَسَاءِ
وَبَعْدَ شُهُورٍ طَوَيْلَةٍ وَلَـُد الْحُبِّ
مَنْ رَّحِمَ الثِّقَةُ دُوْنَ حُضُوْرِ أَبِيْهِ الْإِعْجَابُ
الَّذِيْ كَانَ قَدْ رَحْلْ دُوْنَ أَنْ يُبْدِيَ أَيُّ أَسْبَابَ
فَوُلِدَ الْحُبِّ يَتِيْمَا مِنْ أَبِيْهِ الْإِعْجَابُ
لَا يُهِمُّ طَالَمَا أُمُّهُ مَوْجُوْدَةٌ
فَالثِّقَةُ كَافِيَّةٍ جَدَّا لِبَقَائِهِ
فِيْ حَيَاةِ مَلِيِئَةٌ بِالْشُّكُوْكِ بَيْنَ الْأَحْبَابِ
سِنِيْنَ مَضَتْ وَالثِّقَةِ
تَرْعَاهُ بِمَشَاعِرَ الْأُمُومَةُ وَالْحَنَانْ
وَ تُهَيِّئُ لَهُ كُلّ سُبُلَ الْحَيَاةِ بِأَمَانِ
دُوْنَ أَنْ تَدَعَ الْشُّكُوْكِ تَقْتَرِبُ مِنَ الْمَكَانِ
لِتَزْرَعَ فِيْهِ الْشُّرُوْرِ وَالْعِصْيَانَ
فاكْبّرِ الْحُبِّ شَيْئَا فَشَيْئَا لِيَعُمَّ الْحَيَاةِ فِيْ الْأَرْضِ
رَغْمَ مُحَارَبَةِ الْحِقْدُ وَالْكُرْهُ وَالنُّكْرَانَ
فَانْتَشَرَ الْحُبِّ رُوَيْدَا رُوَيْدَ لِيَعُمَّ الْمَكَانِ
وَ تَهْرُبُ الْخِصَالِ الْقَذِرَةَ
بَعْدَ أَنْ شَعْرَتُ بِالْخُذْلَانِ
وَ لَكِنْ
فِيْ ذَاتِ مَسَاءً
عَادَ الْحُبٌّ إِلَىَ بَيْتِهِ بَعْدَ رِحْلَةٍ طَوِيْلَةُ
قَضَاهَا فِيْ دَحَرَ فَلَوْلَ الْمُعْتَدِيْنَ
الَّذِيْنَ حَاوَلُوا اقْتِحَامٌ مَمْلَكَةِ الْعَاشِقِيْنَ
لِإِعَادَةِ حَيَاةً الْكُرْهِ
وَالْشِّقَاقِ بَيْنَ الْمُتَحَابِّيْنَ
لِيَجِدَ أُمُّهُ الثِّقَةُ تَحْتَضِرْ
عَلَىَ فِرَاشِ الْمَوْتِ الْمُبِيْنُ
وَحَوْلَهَا يَبْكِيَ الْوَفَاءِ
وَالْإِخْلَاصِ بِدَمْعٍ حَزِيِنْ
رَأَىَ تَحْتِهَا دِمَاءَ
تُلَوِّنُ مُلَئَاهُ بَيْضَاءُ
وَحَشْرَجَةُ الْمَوْتِ تَسْمَعُ
حَتَّىَ الْأَذَانِ الصَّمَّاءِ
لِيُخْبِرُوْهُ فِيْمَا بَعْدُ
بِأَنَّ سَهْمٌ غَدْرَا أَصَابَهَا فِيْ ظَهْرَهَا
دُوْنَ أَنْ يَعْرِفُوْا مَصْدَرُهُ
كَثِيْرَةٌ هِيَ سِهَامُ ا لِغَدْرِ الَّتِيْ انْطَلَقَتْ نَحْوَهَا
فَأَصَابَهَا وَاحِدَا فِيْ ظَهْرَهَا لِيَجِدَ طَرِيْقِهِ لِقَلْبِهَا
هُنَاكَ خَائِنْ أَذِنَ مَهْدٌ الْأَسْبَابُ لِدُخُوْلِ إِلَىَ مَخْدَعِهَا
وَ حِيْنَ سَأَلُوْا الْجَمِيْعُ
اقْرَوُا أَنْ الْطَّبْعَ قَدْ شَاهَدُوْهُ يَهْرُبُ بِمَعِيَّةِ الْغَدْرِ
الَّذِيْ أُطْلِقَ سِهَامُ الْمَوْتِ نَحْوَهَا
وَالْطَّبْعِ يَا سَادَةُ غَرِيْزَةٌ لَا يُمْكِنُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ
أَوْ مَعْرِفَةِ نَوَايَاهُ
فَهُوَ يَسْكُنُ فِيْ دَاخِلِنَا
كَالْرُّوْحِ فِيْ سَجَايَاهُ
وَ قَبْلَ الْفَجْرِ بِقَلِيْلٍ
سَلِمَتْ الثِّقَةُ رُوْحُهَا لِلْمَلِكِ الْجَلِيْلِ
رَبِّ الْسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَكُلُّ شَيْ قَبِيْحِ أَوْ جَمِيْلٍ
مَاتَتْ الثِّقَةُ أَيُّهَا الْسَّادَةُ
فَأَصْبَحَ الْحُبِّ وَحِيْدُ
يَبْكِيَ أُمُّهُ الثِّقَةُ بِدَمْعٍ وُتَنْهِيْدُ
وَ يَلْطِمُ خَدّهُ بِإِحْسَاسْ مِنْ سَرَقُوْا عَنْهُ وَلِيَدُ
جَنَّ جُنُوْنِهِ وَقَتَلَ الْإِخْلاصِ الْوَفَاءِ
فَهُمْ الْسَّبَبْ فِيْ هَذَا الْبَلَاءِ
أَيْنَ كَانُوْا وَقْتِهَا
حِيْنَ اقْتَحَمُّوْا مُخْدَعِهِ أُمُّهُ
مَجْمُوْعَةٌ الْغُرَبَاءْ
لِيَسَفَكُوا الْدِّمَاءَ
أَيَّامٍ مَضَتْ وَالْحُبُّ تَحْتَ رَحْمَةِ الْدَّاءِ
لَا دَوَاءَ يَشْفِيَهُ أَوْ دُعَاءٍ
وَعِنْدَ سَاعَاتِ الْفَجْرِ الْأُوْلَىْ
اسْلَمَ الْحُبِّ رُوْحُهُ مَيْتَا وَحِيْدَا دُوْنَ بُكَاءْ
فِيْ الْصَّبَاحِ
أَشْرَقَتْ شَمْسُ الْحَيَاةِ كَعَادْتِهَا
كُلِّ صَبَاحْ
لَكِنْ هَذِهِ الْمَرَّةَ أَشْرَقْتَ عَلَىَ خِصَالٍ قَذِرَةٌ
اسْتُعْمِرَتْ حَيَاتِيْ مِنْ جَدِيْدْ
لَمْ يُوَارَىْ جُثْمَانَ الْحُبِّ بَعْدَ
وَمَعَ هَذَا كَانَتِ الْخُمُورُ تُصِبْ
فِيْ أَقْدَاحُ بِيَدِ الْعَبِيْدِ
لِيَشْرَبَ أَسْيَادِ الْشَّرِّ نُخَبٍ انْتِصَارَهُمْ
عَلَىَ إِيْقَاعِ لَحْنِ فَرِيْدٌ
لَحْنُ الْمَوْتْ الَّذِيْ أَحَاقَ بِالْحُبِّ الَّذِيْ عَاشَ سَعِيْدٍ
لَوْ لَا أَنَّ الْثَقَةَ مَاتَتْ غَدْرَا
بِسَهْمٍ الْغَدْرِ الَّذِيْ عُرِفْ أَيْنَ يُصِيْبُ
فَالَحُبُّ بِلَا ثِقَةٍ مَيِّتٌ لَا مَحَالَةَ
فَالثِّقَةُ أَوَّلَ الْقَتْلَىَ وَالْحُبُّ أُخَرَ مَنْ يَمُوْتُ
((الْمَلِكُ))