(( الأنثــى و الرســـام ))

 


المكان / مرسم
الزمان / بالأمس القريب
الوقت / الليل
الشخصيات/ رسام و أنثى تطلب أن تـُرسم

 

مساء الخير أيها الرسام


مساءك سكر آنستي


أريدك أن ترسمني


حسنا آنستي
سأرسمك بريشتي وأصنع منك لوحتي
أجلسي هنا وتأملي في عيني
لا تتحركي مهما حدث
وخذي أنفاسك ببطء فأنا يثيرني النفس
لا تتمايلي فتخدشي حياء قلمي
فأصب المجون على لوحتي
انظري في عيني فأنا فنان
سأرسمك بإتقان
ومع الرسم سأطوع لك البنان
ليرسم انشودة حب وغرام على جدائل الهيام

جلست وقد اتشحت بوشاح أحمر كخديها

وبريق يخطف الأبصار من عينيها

وشفاه !!! يغار مبسم الوليد من شفتيها


أخذت ريشتي
وبدأت ارسم لوحتي


نظرة هنا ونظرة هناك
ويداي ترسم لوحتي وكانت بداية خطوتي


أن طوعت ريشتي لرسم عينين وشفتين هما غاية منيتي


آآآآآآآآآآآآآآآآه يا ويلتي
كيف سأكمل لوحتي
أمام امرأة جمحت إليها خيول رغبتي

ومضينا
هي في جلوسها
وأنا في رسمها


الوقت يمضي فليته يقف لأبقى معها


طوال الساعات الأخيرة
لم تتحرك قيد أنمله أو أشاحت بوجهها عني دقيقة
وعينيها سكنت عيناي للحظة ظننت بأنها بي غريقة

 


وفجأة !


سقط الوشاح
وليته ما سقط
حجب عني نحرها
غاب الضياء وتوقف الفنان عن العطاء


أدركت هي أن الوشاح
قد أخفى نور الصباح


وبأن الفنان قد كف عن العطاء
وبأن اللوحة لن تكتمل فتصير إلى هباء


فتداركت الأمر وأشارت إلي أن تعال وقالت :


أعد الوشاح لمكانه
ودع الضياء ينبثق كسالف عهده وزمانه
فأنت قلت لي لا تتحركي مهما حدث
وها قد حدث ما حدث


قلت :
كلا ! فذاك الذي اختفى قد ارتسم في عقلي
سأرسمه اعتماد على ذاكرتي لن أنساه ! ليس بيدي

وبدأ الفنان بالعطاء
يرسم مكان أندثر تحت غطاء
يغمض عينيه ليتذكر ذاك الضياء


وأي ضياء ؟؟!!!
أيعقل أن ينسى ضياء جعل الليل نهار؟
لكن ليس هو قمر السماء


ست ساعات


أعقبتها ساعة أخرى ينظر فيها للوحة الصماء

صماء
خرساء
عمياء


في عيون كل البشر
وفي عيني تضج بالحياة وتأتلق بقلب النظر


انتهيت
قامت
أقبلت


قالت :-
دعني أرى


أمعنت النظر
هي على لوحة رسمتها يد بشر


قالت :
لم يغب عنك شيء حتى ذاك الذي اختفى تحت الوشــاح
تلك الشامة على نحري ما ظننتُ أنها على لوحتك ستستباح


ابتسمت ثم أردفت:


يالك من لئيم
كنت تسترق النظر إليه خلسة فرسمته كما هو
وكأنه لم يختفي لحظة تحت وشاح
أعطني اللوحة وقل لي كم أجرك


أجبتها :
لن يكون


قالت :
ماذا هل أنت مجنون ؟
سأدفع لك ثمنها مهما يكون


قلتُ :
لا أعطيها لك وأن دفعت كل أموال الكون


بعصبية قالت :
أنت مجرد رسّام هنا
ترسم وأنا ادفع لك أجرك وينتهي الأمر هنا


قلت :
لالالا .. لن أعطيها لك
أسمعي أما أن تبقي أنت معي
أو تبقى اللوحة معي


تركت له اللوحة وقالت :
مجنون أنت مجنون
دعها لك لا أريدها

خرجت دون اللوحة
وبقيتُ أنا مع اللوحـة


اتأملها بقلبي قبل عيني
فكأنها لم تخرج من مرسمي
فهي عندي حقيقة أو ابتسامة كاذبة على مبسمي

لكنها معي

 


انتهت الألوان

وانكسرت ريشة الفنان
ولم يعد يرسم الآن


فقد تحاشه الجميع حين سمعوه ذات ليلة
يكلم اللوحة وكأنها إنسان


فأيقنوا أنه قد جن فتركوه وحيدا
فمن ذا الذي يفخر بصحبة مجنون كان فنان

 

(( الملك ))