(( الحمامة البيضاء ))

 

 

 

 

فرخ طير وجدته مُلقى بالعراء

 

 

تجمع عليه قطيع من النمل يبحث عن وجبه المساء

 

 

بالكاد بدأ الزغب يغطي جسده الأحمر
و يستغيث بصوت اقرب للبكاء

 

 

ألتقطته سريعا ومضيت به إلى بيتي غسلته بماء

 

 

ووضعت له بعض الطعام في منقاره
دفأته بقطعة قماش بيضاء

 

 

ودعوت الله أن يرعاه بعنايته
لم أنام إلا بعد أن تأكدت انه نام بهناء

 

 

وفي الصباح بدا لي متعافيا
قد قام على رجليه يطلب طعام وماء

 

 

ومضت الأيام وبدأ ريشه الأبيض
يغطي جسده فأصبحت حمامة بيضاء

 

 

أحببتها بحق فأصبحت
أخاف عليها من عيون الأقرباء

 

 

فكنت أخاف أن أطلقها خارج غرفتي
مخافة سهم مارق يرديها أو يأسرها احد الغرباء

 

 

ولكن إلى متى ستكون أسيرتي ؟
من حقها أن ترى الحياة خلف حدود غرفتي
التي تربت فيها وتشعر بالحرية في الأجواء

 

 

وأن تفرد جناحيها وتحلق عاليا في السماء

 

 

قبل هذه علقت في عنقها قلادة زرقاء
لكي اعرفها إن تشابهات لدي الحمامات البيضاء

 

 

ولا يمكن لأحد أن ينزعها عنها
ما لم يقطع عنقها علامة فارقة بين الموت والبقاء

 

 

 

أطلقتها في احد الأيام
وقلبي يرجف خوفا
من أن لا تعود في المساء

 

 

لكنها كانت أكثر إخلاصا و وفاء
لمن رباها فرخا مريضا
كان مصيرها الموت بالعراء

 

 

فعادت إلي يحملها الشوق وحب الوطن
غريزة من يحمل في قلبه الولاء

 

 

وقبل أن تكمل عامها العاشر
طارت صباحا حمامتي البيضاء

 

 

ومضى النهار بطوله
لم تساورني شكوك بأنها لن تعود في المساء

 

 

أظلمت الدنيا ولم تعد حمامتي البيضاء

 

 

فانتابني القلق أي مصيبة حلت بها
ولماذا لم تعود إلي ككل مساء

 

 

مضت ثلاثة أيام وأنا في نحيب وبكاء
و سهدا وقلق على حمامتي البيضاء

 

 

فخرجت كالمجنون ابحث عنها
في كل واد وجبل
وكل شجرة يابسة أو خضراء

 

 

فلم أجد لها من اثر في الحياة
لربما ماتت
موتها ارحم لي من تكون
قد سقطت في اسر احد الغرباء

 


وفي احد الأيام وبينما كنت أجوب الطرقات
بحثا عنها إذ لمع لي شي في السماء

 

 

أنها القلادة الزرقاء
في عنق حماماتي البيضاء

 

 

فتبعتها اركض كالمجنون
وأتعثر بالأحجار
التي أدمت قدمي بالدماء

 

 

وما هي إلا لحظات حتى حطت في شرفة احد الأغنياء

 

 

وكان هناك رجلا وسيم وتبدوا عليه ملامح الأمراء

 

 

وأنا من تحت الشرفة أنظر إليها
وعيناي تنزف دمعا ودماء

 

 

فوضع لها الطعام بإناء ذهبي
والماء في إناء ماسي

 


فنسيت إنائي الخشبي

 


و نسيت أني من ربيتها فرخا صغير
وعلمتها الحب والوفاء

 

 

حمامتي البيضاء اختارت
حياة الرفاهية ومجدا الأغنياء

 

 

فهجرت الحب و الإخلاص
وتبعت صيت الترف وإنها ربيبه الأمراء

 

 

وبينما كنت أهم بالرحيل من تحت شرفة الأمير
الذي كان يمسك حمامتي البيضاء

 

 

إذ بهديل الحمامة يأتي صراخا وألما
قبل أن تهوي إلى الأرض رأسا مفصول
وجسدا ينزف دماء

 

 

سقط الرأس أولا وتبعه جسدها
الذي ينتفض قبل أن يسكن موتا
وقد اختفت قلادتي الزرقاء

 

 

( مغزى )

 

إن أعلنت حبيبتك الرحيل يوما دون سبب

 

فعلم بأن هناك رجل أخر هو السبب

 

 


 

 

 


(( الملك ))