الْمَكَان / مَزْرَعَة
تَبَاهَى الْطَّاوُوْس يَوْما فِي حَضْرَة الْطُّيُوْر
وَأَزْبَد و أَرْشب فِي غَيِّه بِاحْتِقَار الْحُضُوْر
فَقَال أَنَا سَيِّد الْطُّيُوْر
رِيْشِي يَجْمَع أَلْوَان الْحَيَاة كُلَّهَا
وَجَمَالِي وَصَفَه مَأْثُور
لِي تَاج عَلَى رَأْسِي
وَذَيْل طَوِيْل لَيْس بِمَبِتُوّر
وَحَجَّم ضَعُف حَجْم أَكْبَرُكُم
صِغَار أَنْتُم لَيْس لَكُم وَصَف مَذْكُوْر
فسْتَشَاطت الْطُّيُوْر غَضَبَا
وَلَامِتِه عَلَى هَذَا الْظُّلْم وَالْجَوْر
فَمَشَى يَخْتَال أَمَامَهُم
وَلِسَان حَالِه كِبْرِيَاء وَغُرُوْر
فَقَال الْهُدْهُد :-
أَنَا لِي تَاج عَلَى رَأْسِي
لَسْت وَحْدَك مُتَوَّجَا عَلَى مُلْك الْطُّيُوْر
وَلِي فِي الْزَّمَان قِصَص تُحْكَى عَلَى مَر الْعُصُوْر
فَأَجَابَه الْطَّاوُوْس بِغُرُوْر :-
لَكِنَّك لَا تَمْلِك أَلْوَان رِيْشِي
لَوْنُك بَاهِت كَالْلَّوْن حَجَر اغْبَر حَقِيْر
فَقَال احَد الْعَنَادِل :-
أَنَا أَجْمَل مِنْك بِكَثِيْر لِي صَوْت عَذَب وَصَفِيِّر
وَتَغْرِيْد يُشْجِي كُل قَلْب كَسِيِر
وَلَوْنِي فِيْه مِن الْجِمَال كَثِيْر
فَقَال الْطَّاوُوْس :-
لَكِنَّك ضَئِيْل الْحَجْم صَغِيْر
بِالْكَاد أَرَاك هُنَا فَكَيْف إِذ تَطَيَّر
فَأَخْرَس وَلَا تُجَادِل كَبِيْر
قَال الْنَّسْر :
أَنَا سَيِّد الْطُّيُوْر
وَلَا احْتَاج لِشَاهِدَة صَغِيْر أَو كَبِيْر
قَوِيّا وَأَسْتَطِيْع أَن أَطِيْر
وَأَنْت أَيُّهَا الْطَّاوُوْس تَمْشِي فَقَط
لَم تُسْكَن الْسَّمَاء لِتَرَى مَا دُوْنَك صَغِيْر
قَال الْطَّاوُوْس :-
إِن كَان عَلَى الطَّيَرَان
فَالْغِرْبَان تَسْتَطِيْع أَن تَطِيْر
حُجَّتِك ضَعِيْفَة
فَالْزَم الْصَّمْت مَا أَنْت إِلَا قَاتِل خَطِيْر
قَال الْغُرَاب:
أَرَاك قَد تَمَادَيْت فِي غَيِّك وَشَرَّك الْمُسْتَطِيْر
كُلُّنَا طُيُوْر فَلَا تَأْخُذُك الْعِزَّة بِغُرُوْرِك الْكَبِيْر
نَحْن الْغِرْبَان مِن عِلْمِنَا الْإِنْسَان كَيْف يَدْفِن الْمَوْتَى
وَدُوْنَك قَوْل الْلَّه الْقَدِيْر
قَال الْطَّاوُوْس:-
لَم يَبْقَى إِلَا أَنْت أَيُّهَا الْأَسْوَد لِتَتَحَدَّث
أَنَسِيْت كَيْف حَاوَل سَلَفُك تَقْلِيْد سَلَفِي
حَاوَلْتُم أَن تَمْشُوْن مِّثْلُنَا فَعَجَزْتم
و مَشْيَتِكُم الْأَصْلِيَّة نَسِيْتُم
وَصِرْتُم تُقْفَزُوْن كُضِفْدَع حَقِيْر
قَال الْعُصْفُوْر:-
كَفَاك أَيُّهَا الْطَّاوُوْس
أَنَّك تَسْخَر مِمَّا أَعْطَانَا الْلَّه الْعَلِي الْخَبِيْر
عُد إِلَى رُشْدِك وَكَفَاك هَذَا الْأَمْر
لَسْنَا عَبِيْدِك وَلَا أَنْت سَيِّد لَنَا
وَلَن يَحْدُث هَذَا الْأَمْر أَو يَصِيْر
قَال الْطَّاوُوْس :-
مِّن هَذَا الَّذِي يَتَحَدَّث؟
أَنْت أَيُّهَا الْعُصْفُوْر تَرَى نَفْسَك بِالْحَدِيْث جَدِيْر؟
ذَيْلَك مَبْتُوْر و مِنقَارَك صَغِيْر
وَفِي خِضَم هَذِه الْمَعْمَعَة
حَضَر صَاحِب الْمَزْرَعَة
مُمْسِكَا سُكَّيْنِا و يُرِيْد طَيْر أَن يَذْبَحُه
فَلَم يَجِد سَوَى الْطَّاوُوْس كَبِيْرا فِي حَجْمِه
وَلَيْس لَه مَنْفَعَة
كَذَلِك رِيْشُه سَيَكُوْن فِي وِسَادَة نَاعِمَة مُمَتَّعَه
وَذَيْلُه سَيَكُوْن زِيْنَة فِي صَدْر قَاعَة مُرَفَّهَة
طَارَت الْطُّيُوْر كُلُّهَا وَبَقَى الْطَّاوُوْس وَحْدَه يَجْرِي هِّرْبَا
مِن رُكْن إِلَى رُكْن فِي الْمَزْرَعَة
مِسْكِيْن لَا رِيْشُه وَلَا ذَيْلَه وَلَا تَاجُه قَد يَنْفَعُه
من الْطَّاوُوْس هُنَا إِن كُنْت أَنَا صَاحِب الْمَزْرَعَة ؟؟؟
(( الْمَلِك ))