(( العندليب و ابنة الهدهد ))

 

جلستُ حيث كنتُ اجلس دائما ً
كعادتي معي دفترا و قلما ً
وموسيقى تنزفا ألما ً

 

بجواري شجرة لا اعرف لها أسما ً
يابسة تـنـتـظر مطرا

 

و هناك على غصن يابس
عصفور يغرد حزنا ً
يبكي دون دمعا ً
هكذا شعرت حين سمعته يعزف لحنا ً

 

 

فجأة طار وحلق بعيدا ً
ثم عاد
لكن هذه المرة حط حيث أنا
بين وبينه شبرا

 

 

نظر إلي وقال :-
أيها الملك أستميحك عذرا ً
أريدك أن تحقق لي طلبا ً
عرفت بأنك تكتب شعراً تكتب نثرا ً
سأحكي لك قصتي
و في الأخير سأسألك سؤالا ً

 

 

أجبته وقد هالني الأمر :-

قف على كتفي وقص علي حكاياتك
فأنا سأرهف لك سمعا ً

 

 

قال:-
أنا يا سيدي أحببت ابنة هُدهُد
وهبتها حبا وعشقا ً
لكني بنظرها مجرد عصفور
و الهداهد ترى نفسها مُلوكا ً

فهي تملك فوق رأسه ما يشبه التيجان
وأنا لا املك سوى ريش مزركش بألوان
وصوتا ًعذبا يعزف ألحان

رفضتني بقسوة وبادلت الحب نكران
ما ذنبي يا سيدي إن كان قلبي اخطأ بالعنوان
وأني لست من أصحاب التيجان؟

 

 

واحتقرت شأني يا سيدي حين قالت :-


حبك مجرد نزوة واسأل الإنسان

فأنت أقل شأن من تعشق ابنة ملك الطيور
جمالا وحسنا وافتتان

 

 

ها أنا أسألك يا سيدتي
أحقا بأن الحب يجب أن يكون بين رديفان؟
وأنه لا يحق لك أنت – وأنت إنسان – أن تعشق ابنة سلطان؟


اجبني ياسيدتي
قد سخرت جميع الطيور مني
فقصتي صارت على كل لسان

 

 

قلت في نفسي :-


يا إلهي
وكأن هذا العصفور نسخة مني
ماذا ياترى أجيبه الآن؟

 

أ أقول له بأني مثلك؟
و هو من جاء يريد جوابا
غير هذا الذي كان

 

صمتُ حائراً
و هو يرفرف بجناحه فوقي كتفي
و يصرخ بأجمل واحزن الألحان

 

قلت له :-


وافق حالك حالي
أنا مثلك أيها العصفور قد أسئت بالحب اختياري
أنا عشقت أنثى ترفض وصالي
فهي ابنة الأكرمين وأنا كما تعرف حالي
معدما الحب رأس مالي

 

الحب ليس كافيا في شرعهم
بل يجب أن تتساوى كفة الميزان
هكذا شرع بني الإنسان

 

لكني لم أتصور يوما أن الحال ينطبق
عليكم معشر الطير والحيوان

 


زقزق المسكين بألم
ورف بجناحيه الاثنان

 

وقال :


أيها الملك قدم لي معروفا الآن
امسك بيدك جسدي النحيل
وافصل رأسي منه

قد عفت حياة لن تجمعني بهـا
ولك مني جزيل الشكر والامتنان


لا تأخذك بي رأفة
فأنا اخترت مصيري

وقدم جسدي النحيل

على مذبح الحب قربان

 


طار وبين يدي حط باطمئنان وقال :-


افعلها أرجوك أيها الملك
ها أنا بين يديك الآن

 


أمسكت جسده بيدي
اشعر بنبض قلبه يجري بوريدي

 

هل أقتله ؟؟
نعم سأفعل

 

فأنا أكثر الناس إدراكا كم هو يتألم
وسيبقى هكذا للأبد ما لم يـُعــدم

 


سأقدم له معروفا

فالموت راحة له ..
هذا معروفا ليس جرما ًعليه سأندم

 


بجزء من ثانية
كان جسده في ناحية
ورأسه في ناحية

 


لن ألقيه على قارعة الطريق

سأدفنه مع مراسم تأبين به تليق

فهو شهيد الغرام و أنا الصديق

 


لا تستغربوا

نعم أنا كنت له نعم الصديق

أرحته من عذاب لن ينتهي

بقى علي أنا أيضا ابحث عن صديق
يفعل بي ما فعلته به

 

لكن يا ترى أين هذا الصديق
الذي بعد موتي لن يلقي بجسدي على قارعة الطريق ؟؟؟؟

 

 

 

 

 

 


((
الملك ))