(( الملك و شهرزاد ))

 

في ليلة اختمرَ القمر بالسواد

يئستْ فيها الروحُ وضجتْ بعد إن أصابها الوجل

 


خلعتْ ردائها الأسطوري
خالعةً معه سحرها الطاغي

 


أخذتْ من لونِ الليل رداءا

و أسدلتْ شعرها الغجري معلنةً بداية الموت

 


سرّتْ إلى مخدعهِ ..

 


وجدتهُ قد اتخذ من عنفوان شبابه عرشا
ومن غروره ِتاجا
ومن قسوتهِ شرابا

 


يَرْمُقْها بنظرات أبردُ من الصقيع

فَتْجاسرت على تلك النظرات

 


وبصوت أرْتَجَ لهُ عرشه :


.. لن أكون لك شهرزاد ..

بعد اليوم

 

فقد سئمتُ مسامرتك كل ليلة

و أنا أطرب سَمْعُكَ بقصصِ العشق والهوى

 


سئمتُ..

تحيّن الفرص .. لأبوح لك عن ما يجيشُ به قلبي

 


سئمتُ..

اتْخاذ الحيلَ.. لأصل إلى دهاليزِ قلبك

 

سئمتُ ذلك كلهُ

 

سئمتُ خوفي من تطبق عليّ حكمَ شهريار

ضقتُ ذرعاً

 

فلتُرسل إلى سيّافك

و أنفذ حُكْمكَ

 

لا بقطعِ رقبتي ..
..
فالروحُ ستظلُ تعشقكَ

 


آمرهُ بأن يغرسُ سيفهُ في صدري

 


ويخلعُ قلبي من أوصالهِ

 


و إذا ظلَ ينبضُ ذلك القلب
فلِعَلمَهُ إنك بقربهِ

 


فلتُرسل بهِ إلى الغابةِ المسحورة

و أدفنهُ تحت شجرةٍ

أكتسحَ لونها بالسوادِ والحمرةِ

 


فقد علمتُ إن تحت تربتها.. مقابرُ القلوب ..

فـجِد لي مكاناً .. أحفر تحتها

و أدفن ذاك القلب النابض بشغف

 

أنثر عليه قسوتك

أنثر عليه قسوتك
أنثر عليه غرورك
أنثر عليه قطراتٍ من دموعي

 


فلعلّ يتذكرُ ذاك القلب
وهو في تابوتهِ المهترء المظلم

ما مر به من ليالٍ قد تسربلتْ بالمرارة والهلع رداء

 


فيتم بذلك رصدَ القلب بالسحر

ويتوقفُ عن النبض

فترقدُ روحي بسلام

دون هوى وغرام

 


بذلك تنتهي معك سيدي شهريار

الليالي الألف

 


ويكفُ الديك عن صياح

معلناً
عن حداد شهرزادك

 

 

 

انتظري



من تظنين نفسك !؟

تتكلمين وكأنك الملكة وأنا عبدك


وتملين علي ما تريدين
وعلي أنا أن ارضخ لأمرك



تحبيني ؟ هذا امرا لا اعرفه حقا
أم أنك تتخذين الحب وسيلة لتفلتي من قدرك



تدركين يا شهرزاد أن حكاياتك
يوم ستنتهي وصباحا سيقطع رأسك



فأن اردت البقاء فعليك أن تأتي بحكايات اخرى
ليطول في الحياة عهدك



ما عرفت الحب يوما ولن اعرفه
عرشي ابدا لن يكون عرشك



لا تتمايلين امامي كزهرة داعبها النسيم
وتنتظرين أن أراقصك ماسكا خصرك



لا تحلمي بأني عند الفجر سأنام على صدرك
وقد وضعت رأسي على كتفك



سكيرا يهذي بالغرام
من بعد أن رشفت نبيذ الهوى شهدك



اقسمت بان الغرام لن يجد عندي موطنا
فحبسيه عني في دهاليز قلبك



انا ملك النساء عندي قتلى
وأبقيتك لتسامريني فلم تبقى أنثى غيرك



فعليك يا شهرزاد أن تشتري حياتك
قبل أن ينبلج الفجر
عندها سأنادي السياف ليطيح برأسك



اذهبي لمخدعك
وألقي عليك فستان احمر يستر جسدك



ثم تعالي إلي وفي جعبتك حكاية جديدة
تنقذين بها نفسك



دعي عنك جنون الهوى
فأنا اليوم قد عفوت عنك
وغدا قد لا يكون العفو حليف حظك

 

 


خرجت شهرزاد تبكي

وبقى الملك يضحك

 

 

 

 

 

 

(( الملك ))