(( الْعِشْقُ الْمَمْنُوْعُ ))

 

 

قَالُوا لَهُ : –  

قَدْ تَجَاوَزْتَ حَدَّكَ
وَخَرَجَتْ عَنْ مَلَلْ الْصَّالِحِيْنَ

قَدْ عَاشُوْا مِنْ هَمّ بِالْعُمْرِ قَّدَّكْ
وَحَيَاتُهُمْ تَرَفَّهَ بِالْسَّعَادَةِ وَالْبَنِيْنَ

وَأَنْتَ مَازِلْتُ تُعْلِنُ لِلْحَيَاةِ رَفَضَكَ
وَتَتَبُّعُ دُرُوْبِ الْعَاشِقِيْنَ

وَتُدِيْرُ لِكُلِّ نَاصِحَا ظَهْرَكَ
وَتُصِمُّ آَذَانَكَ عَنْ نُصْحِ الْنَّاصِحِيْنَ

فَقَدْتُ أَجْمَلَ سِنِيْنَ عُمْرِكَ
وَحَيَاتِكَ تُسْرِعُ بِكَ نَحْوَ الْمَوْتِ الْيَقِيْنُ

قَدْ امْتَلَئَ بِالْبَيَاضِ شِعْرِ رَأْسَكَ
وَأَنْتَ مَازِلْتُ عَلَىَ خُطَىً الْمُغَرَّمِينَ

تَأْبَىْ أَنْ تَنْسَىْ فِيْ الْحَيَاةِ حُبَّكَ
وَتُقَدَّمُ لَهُ عَلَىَ مَذَابِحِ الْحُبِّ الْقَرَابِيْنِ

لَا يَرْدَعَكْ الْمِحَالِ حِيْنَ يَقِفُ فِيْ وَجْهِكَ
تُسَاوِمُهُ أَنْ يَهَبَكَ الْأَمَلْ وَتُعْطِيَهُ مِنْ حَيَاتِكَ سِنِيْنَ

 


اطْرُقُ رَأْسِهِ عَاشِقْنا الْمِسْكِيْنِ
فَهُوَ لَا يَمْلِكُ رَدّا يُوَاجِهُ بِهِ أَلْسِنَةُ الْمُتَحَدِّثِينَ

 


مَضَىْ يَتَذَكَّرُ حُبُّهُ وَ سِنِيْنَ أَشْبَعْتَهُ
عِشْقَا صَامِدٌ لَا يَلِيْنُ

 


كَيْفَ لَهُ أَنْ يَحْيَا مَعَ غَيْرِهَا
وَالْحَيَاةَ كُلِّهِا هِيَ فِيْ قَلْبِهِ تَسْتَكِيْنُ

 


كَيْفَ لَهُ أَنْ يَضُمَّ صَدْرا غَيْرَ صَدْرِهَا
يُرَاوْدُهُ حِيْنَهَا إِحَسَّاسْ الْخَائِنِيْنَ

 


أَوْ أَنْ يَرْتَشِفُ يَوْمَا مِنْ شِفَاهِ غَيْرَهَا
الْسُّمَّ حِيْنَهَا أَطْيَبِ مِنْ رَحِيْقٍ زُهُوْرُ الْيَاسَمِيْنْ

 

قَالَ لَهُمْ :-

لَسْتُ فِيْ شَرْعِ الْلَّهِ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ
وَلَسْتُ خَارِجا عَنْ مِلَّةِ الْدِّيْنِ

أَنَا لَا أَحْيَا دُوْنِ غَرَامِهَا
كَالْرُّوْحِ فِيْ الْجَسَدِ هِيَ
لَا خَلَاصَ لِيَ سِوَىْ بِالْمَوْتِ الْمُبِيْنُ

تَطْلُبُوْنَ الْمِحَالِ
وَأَنَا لَا امْلِكُ أَنَّ اجْعَلْ الْمِحَالِ وَاقِعَا يَقِيْنْ

أَيَحْيَا عُصْفُوْرُ دُوْنَ أَنْ يَرْشُفَ الْمَاءِ مِنْ مِنْقَارِ أُمُّهُ
كَالْعُصْفُوْرِ أَنَا أَحْيَا مِنْ رَحِيْقٍ الْشَّفَتَيْنِ

إِنَّ أَشْقَانِيْ الْزَّمَانِ بِحُبِّهَا
فَأَنَا أُكَابِدُ الْشَّقَاءِ بِنَهْجِ الصَّابِرِيْنَ

لَا تُجْبِرُوْنِيْ عَلَىَ حَيَاةٍ لَا أُطِيْقُهَا
فَأَكُوْنَ لْحَيَاةِ غَيْرِيّ مِنَ الْظَّالِمِيْنَ

إِنَّ ظُلْمَ نَفْسِيْ ذَنْبٍ ابُوْءُ بِهِ
وِأَتَحِمَّلُ وِزْرُهَا إِلَىَ يَوْمِ الْدِّيِنِ

أَتَرَكَوْنِيّ أَلْتَمِسُ فِيْ هَذِهِ الْحَيَاةِ بَعْضٍ وُجُوْدِهَا
فَأَنَا أَدْرَكَ بِأَنَّ فِرَاقِهَا
قَدْرا مَكْتُوْبٌ عَلَىَ الْجَبِينِ

وَبِأَنَّهَا الْمِحَالِ كَالْشَّمْسِ بَازِغَةً
وَكَالْقَمِرِ فِيْ سَمَاءِ الْسَّامِرِيّنْ


مَالُكُمْ لَا تَفْقَهُوْنَ

قُلُوْبِكُمْ لَا تَعْرِفُ الْرَّحْمَةِ لِتُرْحَمُوْنَ

أَمْ أَنَّكُمْ لَمْ تَقْرِئُوا فِيْ كُتُبِ الْعِشْقُ كَيْفَ يَكُوْنُ

أَتَظُنُّونَ بِأَنِّيَ بِيَ مَسٌّ مِنْ جُنُوْنِ؟
مَالَكُمْ لَا تَعْقِلُوْنَ ؟

أتُحَاولُونَ الْظِّلِّ أَنْ تُعْدَلُوْنَ
لَا يَسْتَقِيْمُ الْظِلُّ وَالْعُوُدُ اعْوَجَّ لَوْ تَعْلَمُوْنَ

حَيَاتِيْ كَالْبَحْرِ مَوْجَا ثَائِرَا
وَأَنْتُمْ عَلَىَ الْمَوْجِ نَصَحَكَمْ تَكْتُبُوْنَ


مُضْحِكا جِدَا مَا تَفْعَلُوْنَ

 


صَمَتَ الْجَمِيعُ


فَظَنَّ أَنَّ الْأَمْرَ انْتَهَىَ

 

قَبْلَ أَنْ يَرَىَ الْدَّمْعَ فِيْ عَيْنٍ أُمُّهُ
وَالْرَّجَاءُ عَلَىَ لِسَانِ أَبِيْهِ

 


أَيُّ شَقَاءِ هَذَا الَّذِيْ هُوَ فِيْهِ

لَيْتَ الْمَوْتُ الْآَنَ يَحْتَوِيْهِ

قَبْلَ أَنْ يَخُوْنَ حُبِّهِ
أَوْ يَرَىَ دَمْعَةُ أُخْرَىَ عَلَىَ وَجْهِ أُمِّهِ
أَوْ يَتَجَاهَلُ رَجَاءَ أَبِيْهِ

 


الْقَرَارِ سَتَلَفِظُهُ الْحَيَاةِ قَرِيْبا
وَإِنْ أَتَىَ عَكَسَ مَا يَشْتَهِيْهِ

 


فَأَيُّ مَصِيْرُ يَنْسِجُه لَهُ الْقَدَرُ

هَذَا أَمْرا عَجَزَتْ يَا سَادَةُ أَنْ أَكْتُبَهُ

 


فَقَدْ تُجَمِّدَ الْحَبْرُ فِيْ قَلْبِ قَلْمٌ
كَانَتْ رُوْحُ الْكِتَابَةِ تَسْرِيْ فِيْهِ

 

 

 

 

 

(( الْمَلِكُ ))