(( رجل و شمعة حمراء ))

 

 

 

ليل بهيم ورجل سقيم ورياح تعزف هزيم

شمعة حمراء تصارع عباءة الظلام السوداء

رجل يحتضر وشمعة ترنو نحو الاحتضار

الظلام يفرض نفسه والموت يسمع همسـه

بكاء .. نحيب .. ليل ما أطوله كئيب كئيـب

آهات رجل مسموعة وتنهدات شجون محروقة

 

 

وهناك في المدينة المبهرجة بالأنوار والأسوار والأقمار

وكل شيء يخطف من جماله الأبصار

 

هناااااااااااااااااااااااك حفلة صاخبة

ورقص شرقي على موسيقى ركيكة مصاحبه

 

كل الأضداد تجمعوا وكل الأقران هنا أيضا تفرقوا

يشربون عن كؤوسهم لا ينزعون

 

ويترنمون على لحن قيل لهم أنه أبدع اللحون

يقهقهون يضحكون بأنفسهم لا يكادون يشعرون .

 

ينتظرون الحسناء أن تظهر

فهم من اجل زواجها الكل قد حضر

 

وذلك الرجل المستكين هناك من يكون ؟

قيل أنه زوجها المصون .

 

أقبلت إليهم … تنشر أريج عطرها بين الحضور

وتلطف الجو بأنفاسها التي هي كالبخور

 

تنحني بخفة لتتقلد أكاليل الزهور

وتنتشي نشوة فخرا فهي البطلة وكل من حولها الجمهور .

 

تقدم منها الرجل الذي كان مستكين هناك

زوجها أو هكذا قيل لكل من كان هناك

 

قبلها بين عينيها وهلل وصفق وزغرد كل من حواليها .

 

وبدأت الحفلة

 

 

هناك حيث الليل البهيم والرجل السقيم وأصداء حب قديم

 

مازال الرجل كما هو يزرع يديه في التراب

ويناجي في السماء السحاب

ويلطم خده وينتحب انتحاب .

 

لن يجدي بكائه نفعا

ولا نحيبه قد يلاقي سمعا

 

فهيا إذن إلى تلك الحفلة

يراها كغيره أو في حين غفلة

 

لاحت له من بعيد الأنوار المبهرجة

وأناس قد لبسوا الجديد

 

كل هذا من اجل حفلة زواجها ؟

تذكر أنها ليست كغيرها ! أميرة اعتادت العيش الرغيد .

 

جلس عند الباب كمتسول يطلب رفق الأصحاب

أو مجنون عقله عن غاب

 

الكل يزدريه

ما تراه يفعل هنا هذا الكريه ! ؟

 

لم يعلموا أن الحب والعشق هو كل ما يحتويه

وانه من اجل هذا الحب قد ترك حياة الملوك

ورغد عيشا كان ينعم فيه .

 

 

انتهت الحفلة

 

خرج جميع الحضور

كلهم قد سكروا من سفاسف الأمور

ومن حياة الفجور

 

والليل يحتضر والصبح يكاد أن ينبلج

انتهت ساعات اللهو والخداع

وحمل كل من حضـر في رأسه آلام الصداع .

 

أطفأت الأنوار وانتهت الحفلة

وهو مازال جالس عند الباب المّذهب

ينتظر خروج العريسين

ليراها أخر مرة ويزفها لصدر رجل أخر

بدمعة ونظرة خاسرتين .

 

عند الباب لاح لها وجهه البريء

 

وتعجبت كيف له أن يأتي !؟ يا لا هذا الرجل الجريء !!!

سألها من كان معها ( زوجها ) :-

من تراه هذا البائس الفقير ؟؟ أتعرفينه يا عزيزتي ؟؟

 

قالت : لا … أراه كهارب من السجون

أو .. أو .. لا أعرف هكذا الأمر قد يكون

 

اختفيا بعيداً … حيث لا يدري أين !

 

 

عاد حيث كان .. عند الشمعة الحمراء في ذاك المكان

وجدها قد أوشكت على أن تخبو! ستموت فجأة ولا تزهو

 

أفترش الأرض بجانب الشمعة الحمراء

التي تحاول جاهدة أن تقاوم الانطفــاء

 

ينظر إليها بعينين دامعتين نظرة الوداع الأخير

يعلم بأن حياته مرهونة ببقاء لهبها سعيـــر

 

وما هي إلا لحظات 

حتى انطفأت الشمعة الحمراء

فأغمضت عيناه للابد بهدوء وخفاء

 

أيها السادة 

انتهت حكاية الرجل و الشمعة الحمراء

 

جففوا دموعكم !! لا يجدي البكاء

لن يجدي البكاء

 

 

(( الملك ))