(( رقصة الموت ))

 

ها هي الشمس تعلن الغروب
لحظات ويخيم الظلام وتسارع الطيور للهروب
في أرجاء هذه القرية الصغيرة وعثرات دروب

غربت شمس وأعلنت انتهاء يوم
وبداية يوم


وأي يوم ؟
يوما لا أرى فيها اسمها

 


أو أتأمل فيه ذكرها
بداية جديدة لا اعرف كيف ستكون

إذن يجب أن اعتاد على أن لا يكون حباً في حياتي
وأن لا أضم في الليل وسادتي
وان أحترق بدمعتي

ولن أنسى بأني لن أحلم بها في هذه الليلة
ولا بغيرها من ليال


ماذا عساي أن افعل ؟؟
لا يجب أن أجهل

أنا رجل قويا لا يغلبني حب أنثى استعمر قلبي يوماً
أو هشت عظامي صبابة ووجداً لأنثى قضيت معها عمراً


هيا أقبل أيها الليل بك ما فيك
بظلامك وهدوئك وعذاباً يحتويك


سأنااااااااااااااام … أريد أن أنام
سأموت موتتِ الصغرى
لأنسى
نعم سأنسى
فأي من تكن أي أنثى ستبقى مجرد ذكرى


هاهي غرفتي الكبيرة بما فيها
الصغيرة بما فرحاً يحتويها


سرير
وسادتين
رقعة شطرنج كرستالية


وهناك

هناك شمعتين حمراوين
على جهة اليسار فوق درج بجانب السرير

ماذا أيضا ؟؟؟؟

نافذة مفتوحة و ستارة نصفها مفتوح
والنصف الأخر يخفي خلفه زجاج قاتم كالدم المسفوح


وهناك صورة عصفور وعصفورة على لوحة مهجورة
يقبلان بعضهما دون خجل أو وجل أو نقـد بشر


بتهااااااااااااالك تام ألقيت نفسي على سريري
وهممت في استجلاب النوم عنوة رغم ما يحتويني


والظلالالالالالالالالالالام سيد الموقف هنا
السبيل لضوء غير ممكنا
مهما أمعنت النظر أو فتشت هناك أو هنا


صوت صفير رياح تتدافع لدخول من تلك النافذة المفتوحة
فتراقص الستار بهدوء كرقصة الفالس وبأنغام حزن صريحة


فتشت عن وسادتيّ ! فوجدت واحدة
والأخرى لي ملحدة


اختفت
بحثتُ بيدي عنها
لم أكلف عناء أن أقوم لأجلها
لمممممممممممممممممم أجدها


لا يهم
ليس ضروري أن أضُـم


لماذا لا أشعل الشمعتين وأتلظى بناريين
وأراقب كيف تموت الشمعتين لتعطي النور كقمرين


لكن القمر يختفي ويعود
وهي تحترق حتى
الموت ولن ينفعها الصمود


عود ثقاب
يشتعل
يلامس
تشتعل شمعة
تتبعها شمعة

تتبعها دمعة

دمعة

!!!!

لالالا سقطت سهوا تلك الكلمة


ياااااااااااه
مسكينة هذه الشمعة تحترق وتحترق وتحترق
لماذا كل هذا العناء ؟؟؟


أترين استحق أن تموتي لأجلي ؟ لا وحق من رفع السماء
لكن هذا قدرك أن تضيء لأشقى البشر وحامل لواء التعساء

فجأة

ينفتح باب غرفتــــي
غريب ! لقد قفلته بيدي


تنطفىء الشمعة


تعصف الرياح بقوة بالستار
كل الرياح شكلت في غرفتي إعصار


يا إلهي ما الذي يحدث ؟
ومن الآتي إلي بهذا الجنون والعبث


مددت يدي .. أشعلت شمعتي
لأستبين من هذا الذي أقتحم غرفتي

بهيبة حضور
وجمال مسحور


وفتنة لم أرى يوما في حياتي على مر العصور


خطوات واثقة كبرياء شاهقة
ونظرات ثاقبة ونيران حولها حارقة


يا إلهي .. من هذه الأنثى التي
اطفىء نورها شمعتي
وعصفت الرياح لأجلها في غرفتي


وقفتُ في وسط غرفتي
وهي تتقدم نحوي أكثر

إلى أن واجهتني بوجهها
تحجرت مقلتاي في مقلتيها


وحركت أنفاسي رموش عينيها
إني ارى صورتي على صحن خديها

:- مساء الخير سيدي الملك

:- من الملك ؟؟

:- أنت … ألست الملك ؟

:- أوه حقا .. نعم أنا الملك

:- مالي أراك مذهولاً ؟

:- كيف دخلت فالباب كان مقفولاً ؟

:- أهذا كل ما يحيرك سيدي الملك ؟؟

:- من أنت ؟؟ لم أراك من قبل في مملكتي
جمالك سحرك عينيك ليس له مثيل بين فتيات دنيتي

:- عانقني .. عانقني .. وسأخبرك بكل شيء

ضمتني إلى صدرها
رعشة سرت في أوصالي لم عرف سرها
دفئ لم اشعر به يوما إلا في حضنها

وبدأت بالاعتراف

أنا ياسيدي الملك أميرة من أميرات الجان ! أنا ابنة ملك الجن

ذهُــلت
خـُفــت
صُـعقت

حاولت أن أبعدها عن صدري
فخانتني يدي
فضمتني إليها أكثر
ضلوعي في صدري تتكسر

ومضت تكمل الاعتراف

أتعرف يا سيد أمري وساكن قلبي
أنا جنيه لست أنسيه
أنا من قاع البحار أتيك
في ذات يوما هناك أبصرتك
قد اعتدتَ يا سيدي أن تتكأ عن تلك الصخرة
وكنت أنا من بين الأمواج أبصرك
وافـُـتن بك وأمضي في تأملك
أني أعشقك
وفي كل ليلة أنتظرك
بالأمس لم تأتي
وما قبله أيضا لم تأتي
واليوم لم تأتي

فكيف يستكين الشوق في قلبي
فأتيتك بنفسي وغامرت بعمري

آه يا سيدي الملك لم تترك حتى بنات الجن
فها أنا أعلن لك عشقي

أبعــدت صدرها عن صدري
وتأملت في عيني

:- تراقصيني يا أميرة الجن ؟

:- لا اعرف لم اراقص أنسيا من قبل

:- ولا أنا راقصت جنية من قبل

:- ستعلمني ؟

:- ضميني فقط .. وتمايلي مع خطواتي
وترنحي بين يدي وألصقي جسدك بجسدي
هيا سنرقص على معزوفة بحيرة البجع

:- لالالا .. نحن الجن لا نرقص على لحن الموسيقى
سأراقصك على عزف الرياح
تعال نقترب من النافذة

كلما اقتربنا من النافذة زادت الرياح قوة
وصفرت بلحن لم اسمعه من قبل
عزف الرياح

وبدأ الرقص

كانت كالسكيرة بيدي يدي
تارة تهذي بأسمى
وتارة تحرق فمي
وتارة تغطي بشعرها الطويل سائر جسدي

رقصنا ورقصنا

قد تلاشى الخوف من عندي والوجل
ونسيت أني اراقص جنية
لا انسيه

همست في إذني

:- أحبك

همست لها

:- أحبك فقط لأنك جنية

:- وسأبقى جنية فلست بشرية

:- هل ستأتين كل ليلة لتراقصيني؟

:- نعم سآتي إليك فكل الجن في الكون لن يرضوني

:- أتعتقدين بأني أول أنسي تعشقه جنية ؟

:- أتعتقد أنت بأني أو جنية يعشقها أنسي ؟

:- لا اعرف ولا أريد أن اعرف

:- ولا أنا

:- كانوا يقولون عنكم بأنكم مسخ

:- هل تراني كذلك ؟؟

:- وهل لو كنت كذلك راقصتك ؟

:-أنا أجمل أميرات مملكة الجن كلها

:- وأنا أوسم الرجال في الأرض .. تصوري ؟؟


:- مغرور

: لا .. لكن أن تعشقني جنية فأنا كذلك
بالمناسبة .. ما هذا الذي يلمع على صدرك؟

:- إنها قلادة

:قلادة ؟؟ مالها تلمع ببريق غريب ؟

:- لأني صقلتها بيدي ورسمت عليها شيء ما

:- ماذا رسمت عليها ؟؟

:- ستعرف يوما ما

:- أميرتي .. هل سنكتفي بالرقص ؟

:- وماذا تريد أكثر يا ملكي

:- قبليني

:- صدقني لا أعرف

:- سأعلمك

:- لا أعرف صدقني

:- اقتربي مني فقط .. اكثر .. أكثر



فجأة

تدفعني للبعيد
مذعورة
خائفة

تشم صدرها
يدها
ذراعها
شعرها

صرخت بي

:- كنت تضع عطرا ؟؟

:نعم .. لما ؟؟

:- يا إلهي .. أنكشف أمري
آآآه قد حكمت علي بقتلي

:- ماذا تقولين أنت ؟ ماذا هناك

:عطرك سيدي
عطرك في كل جسدي
في صدري ويدي وشعري
سيعرفون أني قابلت أنـِسيا وضممته وشممته
سيقتلوني سيدي إن عرفوا بأمري

خرجت من غرفتي خائفة مذعورة
لحقتها راكضا 

:- أرجوك انتظري

:سيدي الملك
لم يبقى على بزوغ الفجر سوى ساعة
اذهب إلى البحر بعد ساعة من الآن

وترقبه

إن رأيت البحر قد اصطبغ باللون الأحمر
فعلم بأن أمري قد انكشف وأنهم قتلوني

لو لا عطرك سيدي
لبقيت معك طوال عمرك وعمري

أحبك أيها الملك
حبك لم يذر في قلبي حبا لبني جنسي
لا تخبر أحدا عن سري
الوداع أيها الملك

اختفت

 


ساعة

وأنا هناك

عند البحر

أترقب

ولسان حالي يدعوا الله أن يبقى البحر بلونه الازرق

بزغ الفجر

فإذا البحر أحمرررررررر بلون الدمـــــــــــــــــاء
بركة من الدماء اصبح ما كان يفترض أن يكون ماء

كشفوها

فقتلوهـا

قتلوهــا

سقطت جاثما على ركبتي
ودمعي يرطب وجنتـــــي

سامحيني يا أميرة الجن
لو كنت اعرف لكسرت قوارير عطوري كلها من أجلك
لكني لم أكن اعرف ما الذي سيحدث

يلفظ البحر تحت قدمي
قلادة !!
قلادة رأيتها من قبل

قلادة سكنت هناك يوما
على صدر أميرة الجن

منقوش عليها صورتي

وجملة تقول :-

((  في يوم ء أتلف قلبان ؛ قلب جنيه وقلب إنسان ))

(( الملك ))