وَالْمَطَرُ بِغَزَارَةِ يَهْطِلُ مِنْ غُيُومٍ سَوْدَاءُ
وَبَرْقٌ وَرَعْدٌ يَعْزِفُ هَزِيْمُ
وَ فِيْ رُكْنِ مِنْ أَرْكَانِ الْشَّارِعِ
وَاقِفٌ فَتَىً يَعْزِفَ عَلَىَ نَايِ لَحْنِ أَلِيْمٌ
رَغْمَ الْبَرْدِ وَالْأَمْطَارَ
لَمْ يَتَوَقَّفْ لَحْظَةٍ وَاحِدَةِ لِيَلْتَقِطْ أَنْفَاسَهُ
وَالْلَّيْلِ يُوْشِكُ أَنْ يُرْخِيَ سُدُوْلَهْ بِظَلَّامٍ بَهِيْمٍ
لَمْ يَلْتَفِتْ احَدٌ أَلَيْهِ
فقُبِعَتِهُ الْمُلْقَاةِ تَحْتَ قَدَمَيْهِ خَالِيَةً مِنَ أَيُّ عَطَاءٌ
رَغَمَ جَمَالِ عَزْفِهِ
لَمْ يَكُنْ أَيَّ احَدٌ يُلْقِيَ لَهُ بَالا فِيْ هَذَا الْمَسَاءِ
غَيْرَ أَنَّ امْرَأَةً عَجُوَزٌ مَرَّتْ بِجَانِبِهِ
أَلْقَتْ لَهُ بِفَرْنَكَ وَاحِدٌ
وَالْعَجَبُ أَنَّهَا عَجُوْزا صَمَّاءُ
فَقَطْ مُجَرَّدْ شَفَقَةً لِهَذَا الْبَائِسَ الْمُعْدِمِ وَ هِبَتُهُ الْعَطَاءِ
اشْتَدَّتْ الرِّيَحُ فَأَطَاحَتِ بقُبِعَتِهُ فِيْ الْهَوَاءِ
فَمَضَىْ يَلْهَثْ خَلْفَهَا خَوْفا أَنْ يَنَامَ الْلَّيْلَةَ بِلَا عِشَاءً
فَهُوَ يَكْسِبْ قُوَّتِهِ مِنْ عَزْفِهِ الْجَمِيْلَ
فِيْ شَوَارِعِ الْمَدِيْنَةِ المُكْتَظَّةِ بِالْأَغْنِيَاءِ
ضَاعَتْ قُبَّعَتَهُ
وَضَاعَ مَعَهَا الفُرَّنّكِ الْوَحِيْدَ
الَّذِيْ وَ هِبَتُهُ لَهُ تِلْكَ الْعَجُوزَ الصَّمَّاءِ
جَلَسَ عَلَىَ الْرَّصِيْفِ يُنْدَبُ حَظَّهُ
وَيَبْكِيْ بِغَزَارَةِ الْسَّمَاءِ
مِعْطَفَهُ الْبَالِيْ لَا يَحْمِيَهُ مِنْ بَرَدٍ الْشِّتَاءِ
فَكَادَ أَنْ يَجْمُدَ بَرْدَا
فَأَطْرَافِهُ وَشَفَتَيْهِ صَارَتْ زَرْقَاءُ
وَالْجُوْعِ يَكَادُ أَنْ يَفْتِكَ بِهِ هَذَا الْمَسَاءْ
لَا احَدٌ فِيْ الْشَّارِعِ
سِوَىْ كِلَابِ تَشُقُّ صَمْتُهُ بِنُبَاحِ اقْرَبُ لَّلْعَوَاءِ
تَوَقَّفَتْ أَمَامَهُ عَرَبَهْ تَجُرُّهَا خُيُوْلٌ بِخُيَلاءِ
فَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ لِيَرَىْ هَذِهِ الْعَرَبَةَ
وَقَدْ تَسَمَّرْتُ عَلَىَ بُعْدٍ خُطُوَاتِ مِنْهُ
وَصَهِيْلِ الْخُيُولْ تَعْزِفُ رَثَاءْ
قَبْل َأَنْ يَفْتَحَ بَابُهَا لِيَسْمَعَ صَوْتَا أُنْثَوِيّا يَقُوْلُهُ لَهُ :-
ارْكَبْ أَيُّهَا الْعَازِفُ ؛ َ نُرِيْدُكَ فِيْ هَذَا الْمَسَاءِ
تَرَدُّدٍ قَلِيْلا لَكِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْتَّرَدُّدِ طَوَيْلَا جَدَّا
فَوَقَفَ يَنْفُضُ الْمَاءَ مِنْ مِعْطَفَهُ الْبَالِيْ الْمُمَزَّقِ أَشْلَاءِ
رَكِبَ أَوْلَىٍ دَرَجَاتِ سُلَّمِ الْعَرَبَةِ
ثُمَّ تَوَقَّفَ بُرْهَةً
قَلْبِهِ يُنَبِّئُهُ بِأَنَّهُ يَمْضِيَ نَحْوَ عَالَمٍ أُخَرَ
قَدْ يَخْسَرُ فِيْهِ كُلّ شَيْ
لَكِنَّهُ قَرَّرَ الْمُضَيِّ قُدُمَا فِيْ مَا يُخَبِّئُ لَهُ الْقَضَاءَ
اتَّخَذَ مَقْعَدَا فِيْ الْعَرَبَةِ
لِتَنْطَلِقَ الْخُيُولْ تَجُرُّهَا بِسُرْعَةٍ نَحْوُ الْمَجْهُوْلِ
وَ هُوَ فِيْ دَاخِلِهَا قَدْ أَصَابَهُ الْذُهُوْلْ
أَنْتَبِهْ أَخْيَرُ لِأُنْثَى تُقَابِلُهُ
تَبْتَسِمُ بِرِقَّةٍ وَلِسَانِ حَالِهَا صَمْتُ مَهُوْلٍ
قَالَ لَهَا بِخَوْفٍ وَفُضُولُ :-
إِلَىَ أَيْنَ نَحْنُ ذَاهِبُوْنَ؟
أَجَابَتْهُ بِهُدُوْءٍ:-
قَرِيْبا سَتَعْرِفُ لَيْسَ مُصَرِّحَا لِيَ أَنْ أَقُوْلَ
أَلْتَزِمْ الْصَّمْتِ أَمَامَ عِنَادُهَا
وَقَسْوَتِهَا فِيْ الْرَّدِّ عَلَىَ سُؤَالِهِ
وَالْخَوْفُ فِيْ صَدْرِهِ يَصُوْلُ وَ يَجُوْلُ
فَهُوَ لَمْ يَعْتَدِ عَلَىَ حَيَاةٍ الْتَّرَفِ
وَالْغُمُوضُ وَعَالِمٌ مَجْهُوْلٌ
ضَمَّ يَدَيْهِ إِلَىَ جَيْبِ مِعْطَفِهِ
لِيَتَأَكَّدَ بِأَنَّ الْنَّايُ لَمْ يَسْقُطْ مِنْهُ
وَاطْمَئِنَّ لِوُجُوْدِهِ بَيْنَ قَلْبِهِ وَمِعْطَفُهُ
سَاعَةً وَالْعَرَبَةَ تَشُقُّ طَرِيْقُهَا نَحْوَ الْمَجْهُوْلِ
تَصَوُّرُهَا سِنَةٌ مِنْ عُمُرِهِ تَمْضِيَ بِبُطْءِ مَهُوْلٍ
قَبْلَ أَنْ تَتَوَقَّفُ أَمَامَ قَصْرِ أَنِيْقٌ
بِادِرَتَهُ الْأْنْثَى الَّتِيْ كَانَتْ مَعَهُ قَائِلِهِ :-
تُفَضِّلُ بِالْنُّزُوْلِ
انْحَنَىْ نَازِلَا قَبْلَ أَنْ يُصَابَ بِالْذُّهُوْلِ
مَا هَذَا الْقَصْرُ وَأَيُّ أَقْدَارِ رُمْتَ هُنَا؟
ثَوَانٍ قَلِيْلَةٍ
قَبْلَ أَنْ تَقْتَرِبَ مِنْهُ أُنْثَىْ أُخْرَىَ فَاتِنَةِ
لَتَقُوْلُ لَهُ :-
تُفَضِّلُ اتَّبَعَنِيْ مِنْ فَضْلِكَ
وَدُوْنَ شُعُورٍ تَبِعَهَا كَمَا أَمَرْتُهُ
لِيَجِدَ نَفْسَهُ دَاخِلَ الْقُصَّرُ
لِتَسْتَلْمِهُ هُنَاكَ فَتَاتَيْنِ
وتَتَراجِعَ الَّتِيْ اقْتَادَتْهُ خَطْوَتَيْنِ
قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ لَهُ :-
مِنْ هُنَا لُطْفَا
لِيَجِدَ نَفْسَهُ فِيْ غُرْفَةِ فَارِهْهَ
قَبْلَ أَنْ تَقُوْلَ لَهُ إِحْدَاهُنَّ :-
لَدَيْكَ سَاعَةً زَمَنِيَّةٍ
لِتَسْتَحِمَّ وَ تَحْلِقُ ذَقْنَكَ
وَ تُهَنْدِمُ نَفْسَكَ
وَفِيْ تِلْكَ الْخَزَنَةِ سَتَجِدُ مَلَابِسِ تُنَاسْبُ جَسَدِكَ
سَاعَةٌ وَ سَنَكُوْنُ عِنْدَكَ
انْصَرَفَا دُوْنَ أَنْ يُضَيَّفَا أَيُّ شَيّ أُخَرَ
أَوْ حَتَّىَ يُخْبِرَانِهِ مَا الْأَمْرُ وَلَمَّا هُوَ هُنَا حَاضِرْ
لَمْ يَجِدْ مَفَرَّا مِنْ هَذَا الْأَمْرِ
ثُمَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَبَدا يَحْلُمُ بِمِثْلِ هَذَا الْمَكَانِ الْفَاخِرِ
مَرَّتْ الْسَاعَةُ الْزَّمَنِيَّةِ
يَقْرَعُ الْبَابَ بِلُطْفْ وَرُوِيَّهْ
فَأَذِنَ لَهُنَّ الْعَازِفُ بِالْدُّخُوْلِ بِكَلِمَةٍ رَمَزَيَّةً
يَفْتَحِ الْبَابِ لتَدَلفْ فَتَاتَيْنِ إِلَىَ الْغُرْفَةِ
وَلِسَانُ حَالِهِمْ ذُهُوْلٍ وَحَيْرَةِ عَفْوِيَّةٍ
حَيْثُ وَجَدُوْا شَخْصٍ آَخَرَ أَمَامَهُمْ
لَيْسَ الْعَازِفُ ذُوْ المَلَابِسِ الْبَالِيَةِ وَ الْحَالَةُ الْمَأْسويّةً
بَلْ شَابٌّ وَسِيْمٌ وَأَنَاقَةً فِيْ الْمَلِابْسِ وَالْشَّخْصِيَّةِ
قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ لَهُ :-
تُفَضِّلُ مَعَنَا
فَقَالَ لَهَا : –
إِلَىَ أَيْنَ تَأْخُذُوْنِيْ ؟
فَأَنَا فِيْ حِيْرَةٍ مِنْ أَمْرِيْ
وَلَمَّا كَلَّ هَذَا الْغُمُوضِ وَالْسُّرِّيَّةُ ؟؟
قَالَتْ لَهُ الْأُخْرَى :-
لَيْسَ مُصَرَّحٌ لَنَا أَنْ نَقُوْلَ شَيْئا
اتَّبَعْنَا فَقَطْ وَلَا تَنْسَىْ الْنَّايُ أَيُّهَا الْعَازِفُ
لَا مَزِيْدَ مِنْ هَذِهِ الْأَسْئِلَةِ العَفَوِيَّةُ
وَفِيْ مَمَرِّ ذُوْ أَلْوَانٍ قِرْمِزِيَّةُ
تَبِعَهُمْ بِصَمْتٍ وَسُكُوْنِ
إِلَىَ وَصِلُوا إِلَىَ قَاعَةِ أُسَطْوَرِيِّةِ
كُلِّ شَيٍ فِيْهَا ذُوْ لَمْسَةٌ سِحْرِيَّةٍ
ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ
وَكُلٌّ شَيْ قَدْ تَقْرَؤُوْنَهُ فِيْ تِلْكَ الْأَسَاطِيْرِ الْخَيْالِيَّةُ
قَالُوْا لَهُ :-
سَيِّدِتنَا سَرَابِيلَ تُرِيْدُ أَنْ تَتَسَلَّى
الْمَلَلِ فِيْ حَيَاتِهَا قَدْ تَجَلَّىَ
فَأَمَرْتَنَا أَنَّ نُحَضُرّكِ لَهَا
لِتَكُوْنَ أَدَاةِ بِهَا تَتَسَلَّى
حَظِّكَ أَيُّهَا الْرَّجُلُ أَنَّ تُدْخِلِ قِصَرِهَا
وَتُنَالُ شَرَفٍ رُؤْيَتِهَا
سُنَتْرُكُ الْآَنَ لَهَا
وَخَرَجَتْا مِنْ الْبَابِ
وَأَغْلَقْتُهُ أُحِدَاهُمْ خَلْفَهَا
دَقَائِقُ قَلِيْلَةٍ
لِتَدْخُلَ سَرَابِيلَ الْقَاعَةِ بِغَنَجٍ وَدَلَالِ
وَتَجْلِسُ عَلَىَ عَرْشِ هَا الَّذِيْ يَضِجُّ بِالْجَمَالِ
قَالَتْ :-
تُنَائِيّ لِمَسْمَعِيُّ أَنَّكَ عَازِفَ مَاهِرْ
وَأَنَّكَ بَائِسٌ فَقِيْرٌ مُعْدِمٌ بِشَكْلٍ ظَاهِرٌ
وَأَنَا أَيُّهَا الْعَازِفُ قَدْ مَلَلْتُ الْنُّبَلَاءِ
وَالْمُتَشَدِّقِينَ بِالْمَظَاهِرِ
فَأَرَدْتُ أَنْ تَكُوْنَ لِيَ تَجْرِبَةٍ جَدِيدَةٍ
لَيْسَتْ مَحْفُوْفَةٌ بِالْمَخَاطِرِ
فَأَنْتَ أَقُلْ مِنْ تَطْمَعُ بِأُنْثَى مِثْلِيّ
شَتَّانَ بَيْنِيْ وَبَيْنَكَ
فَأَنْتَ أَبِنْ الْشَّارِعِ وَأَنَا ابْنَةُ الْأَكَابِرِ
اعْزِفْ لِيَ أَلْحَانِ الْحُبِّ
وَلَكَ مِنِّيْ كُلْ يَوْمٍ أَلْفَ لِيَرَةً ذَهَبِيَّةٌ
أَظُنُّهَا كَافِيَّةٍ لِشِرَاءِ مَشَاعِرَكَ الْعَاطِفِيَّةِ
اقْصِدْ الْمُوْسِيْقِيَّةِ
مِسْكِيْنٍ هَذَا الْعَازِفُ
الْرَّفْضِ قَدْ يَكُوْنُ ثَمَنَهُ حَيَاتِهِ
لَكِنْ كَيْفَ يَرْضَىَ أَنْ يَبِيْعَ ذَاتِهِ
لَا مَنَاصِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ
هَكَذَا فُرِضَتْ عَلَيْهِ الْأَقْدَارِ
مُصَائِبِهِ وَ نَكَبَاتِهِ
اخْرُجْ الْنَّايُ الْقَدِيْمِ
وَمَضَىَ يَعْزِفُ عَلَيْهِ لَحْنِ أَلِيْمٌ
لَحْنُ الْحُبِّ وَالْإِحْسَاسْ الْرَّحِيْمِ
كَانَ عَزْفِهِ اصَدِقَ مِنْ أَنْ يَكُوْنَ مُجَرَّدَ
لَحْنِ صَادَرَ مِنْ نَايٍ قَدِيْمٌ
بَلْ مَشَاعِرَ تَصْهَرُ الْحَدِيْدَ
وتَنّئْ عَنْ أَيِّ كَذَّبَ دَمِّيمَ
وَ هَكَذَا يَا سَادَةُ يَا كَرَّامُ
مَضَىْ يَعْزِفُ لَهَا كُلُّ لَيْلَةٍ لَحْنِ جَدِيْدٍ
وَ هِيَ تِسْتَمْتِعْ بَأَلْحَانَهَ الَّتِيْ تُذِيْبُ الْجَلِيدَ
وَتَسْتَمْتِعُ بِأَلَمِهِ الَّذِيْ يَنْسَالُ مِنْ شَفَتَيْهِ لَحْنِ فَرِيْدٌ
وَفِيْ مَسَاءِ يَوْمِ حَزِيِنْ
أُمِرْتُ أَنْ يُؤْتَىَ بِهِ إِلَيْهَا
دَقَائِقُ قَلِيْلَةٍ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهَا
اقْتَرَبَتِ مِنْهُ وَقَالَتْ :-
أَعْطِنِيْ الْنَّايَ أَيُّهَا الْعَازِفُ الْمِسْكِيْنِ
أَخْرَجَهُ مِنْ مِعْطَفَهُ وَقَدَّمَهُ إِلَيْهَا
أَمْسَكْتُهُ بِيَدَيْهَا الِاثْنَيْنِ
وَكَسَّرْتُهُ نِصْفَيْنِ
وَأَلْقَتْ بِهِ تَحْتَ الْقَدَميْنِ
وَقَالَتِ: –
عَزْفِكَ لَمْ يَكُنْ جَمِيْلٌ
لَا عَطَاءٌ لَكَ عِنْدِيْ أَيُّهَا الْمِسْكِيْنُ
مَشَاعِرَكَ لَا تَرْتَقِيْ لَطَّبَقَةِ الأَرسْتُقَرَاطيِّينَ
مَكَانَكَ حَيْثُ كُنْتُ دَوْمَا
فِيْ الْشَّارِعِ وَالْأَوْسَاخِ وَالْطِّيْنِ
بَكَىَ الْعَازِفُ الْمِسْكِيْنِ
حُزْنِا عَلَىَ الْنَّايِ الْمَكْسُوْرٌ نِصْفَيْنِ
وَأَيَّامُ حَيَاتِهِ الَّتِيْ ضَاعَتْ بِظُلْمٍ الْمُتَجَبِّرِيْنَ
قَالَ لَهَا : –
أُرِيْدُ الْنَّايُ وَإِنْ كَانَ مَكْسُوْرٌ
فَهُوَ الْحُبُّ عَنْدِيْ
وَكُلُّ لَحْنٍ مِنْهُ بِهِ مَشَاعَرُ الْحُبِّ تَغُورُ
قَالَتْ لَهُ :-
انْحَنِ تَحْتَ قَدَمَيَّ
وَأَلْتَقِطُ نَايِكْ الْمَكْسُوْرٌ
فَفَعَلَ هَذَا مُجْبَرا عَلَىَ أَنْ يَرْتَشِفُ الذُّلِّ
لِأَجْلِ نَايَهُ الَّذِيْ طَالَمَا عَزْفْ الْحُبِّ صِدْقا
فِيْ حَضْرَةِ أُنْثَىْ الْظُّلْمِ وَ الْجُورِ
ثُمَّ أَنَّهَا أُمِرْتُ وَصِيّفَاتِهَا
أَنَّ يَأْخُذُوَا مَلَابِسِهِ الْمُخْمَلِيَّةُ
وَ يَدْفَعُوْا لَهُ مَلَابِسَهُ الْأَوَّلِيَّةٌ
وَأَنْ يَأْخُذُوْهُ حَيْثُ وَجَدُوْهُ
فِيْ الْشَّارِعِ حَيْثُ احَضُرُوهُ
وَ هُنَاكَ حَيْثُ الْسَّاحَةِ الْمُمْطِرَةً
تَوَقَّفَتْ عَرَبَهْ سَرَابِيلَ
وَفَتْحٌ بَابُهَا الْمَذْهَبِ
لِيَلْقَوْا بِهِ خَارِجَهَا بِقَسْوَةٍ
سَقَطَ عَلَىَ وَجْهْ فِيْ ذَاتِ الْمَكَانِ
الَّذِيْ أَخَذُوْهُ مِنْهُ فِيْ سَالِفِ الْزَّمَانِ
لَكِنَّهُ هَذِهِ الْمَرَّةَ مَعَ نَايَهُ الْمَكْسُوْرٌ نِصْفَانِ
فَلَا يَسْتَطِيْعُ أَنْ يَعْزِفَ أَجْمَلُ الْأَلْحَانِ
بِالْتَّالِيَ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ أَيْ إِنْسَانٍ
تَقَوْقَعَ عَلَىَ نَفْسِهِ بِخَوْفٍ
وَتَّكَأَ عَلَىَ احَدٍ الْجُدْرَانِ
وَالْبَرَدِ يَفْتِكُ بِهِ
وَالْجُوْعِ يَعْصُرُ جَسَدِهِ الْآَنَ
فِيْ الْصَّبَاحِ
تَجَمْهَرَ بَعْضِ الْمَارَّةِ حَوْلَ جُثْمَانَ
يَتَسَأَلُوْنَ مِنَ تَرَاهُ هَذَا الْإِنْسَانُ ؟
مِسْكِيْنٍ
مَاتَ جُوْعا ؟
آَمَ قَهَرَ مَا فَتْكَ بِهَذَا الْإِنْسَانَ؟
(( الْمَلِكُ ))